Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 204-210)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } معطوف على قوله فمن الناس من يقول ربنا الآية ، فقد قسم الله الناس على أربعة أقسام : الأول من يطلب الدنيا لا غير ، ومنهم من يطلب الدنيا والآخرة ، ومنهم من يظهر أنه من أهل الآخرة مع أنه في الواقع من أهل النار ، ومنهم منه هو مؤمن ظاهراً وباطناً ، وذكرهم على هذا الترتيب . قوله : ( الأخنس بن شريق ) هذا لقبه واسمه أبي وكان يتبعه ثلاثمائة منافق من بني زهرة ، وسبب تلقيبه بالأخنس أنه اختفى يوم بدر هو وجماعته فقال لهم إن انتصر محمد فالعزة لكم لعدم ظهور العداوة منكم ، وان انتصر الكفار فقد كفيتموه . قوله : ( حلو الكلام ) أي والمنظر قوله : ( فيدني مجلسه ) أي فيقربه منه ، وفي الحديث : " إنا لنبش في وجوه قوم وقلوبنا تلعنهم " . قوله : ( فأكذبه الله في ذلك ) أي في دعواه وفي حلفه . قوله : ( وحمر ) جمر حمار . قوله : ( وعقرها ) أي قطع رجلها . قوله : { لِيُفْسِدَ فِيِهَا } علة لقوله سعى . قوله : { وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ وَٱلنَّسْلَ } تفصيل للإفساد . قوله : { بِٱلإِثْمِ } الباه للملابسة ، والإتيان بقوله بالإثم يسمى عند علماء البديع تتميماً لأنه ربما يتوهم أن المراد عزة ممدوحة . قوله : { وَلَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } أي إن الله جعل له جهنم غطاء ووطاء ، فأكرمه كما تكرم أم الصبي ولدها بالغطاء والوطاء اللينين وذلك من باب التهكم . قوله : ( وهو صهيب ) أي ابن سنان الرومي حين أسلم تعرض له المشركون وآذوه ، فقال إني رجل كبير مسكين ليس بنافعكم وفراري ليس بضاركم ، فإن كان من جهة المال فها هو فتركه وهاجر لرسول الله ، وقد مدحه رسول الله بقوله نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه ، أي لو انتفى عنه خوف الله لا يقع منه عصيان ، لأن طاعته محبة في الله لا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نار . قوله : ( حيث أرشدهم لما فيه رضاه ) أي فقد جعل النعيم الدائم في نظير العمل القليل ، فإن الخلود في الجملة جزاء كلمة الإخلاص وهم جملة رأفته مضاعفة الحسنات وعدم مضاعفة السيئات ، وعدم مؤاخذة من كفر خوف القتل ، وقبول التائب وأن بالغ في العصيان وطال زمانه . قوله : ( ونزل في عبد الله بن سلام ) أي وكان من أحبار اليهود . قوله : ( وأصحابه ) أي الذين أسلموا معه من اليهود . قوله : ( لما عظموا السبت ) أي احترموه بتحريم الصيد فيه كما كان في شرع موسى . قوله : ( وكرهوا الإبل ) أي حيث حرموا أكل لحومها وشرب ألبانها . قوله : ( بعد الإسلام ) أي بعد أن دخلوا في الإسلام لم يتمسكوا بجميع شرائعه ، فوبخهم الله على ذلك . قوله : ( بفتح السين وكسرها ) قراءتان سبعيتان هنا وفي الأنفال والقتال لكن الأكثر هنا الكسر وما هناك العكس ، وقوله الإسلام إشارة لمعناه هنا على القراءتين ، وأما في الأنفال والقتال فمعناه الصلح . قوله : ( حال من السلم ) أي وهو يذكر ويؤنث فلذا أتى بالتاء في كافة ، وقال تعالى أيضاً : { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا } [ الأنفال : 61 ] . قوله : ( أي تزيينه ) أي تحسينه أموراً لكم ، والمعنى لا تتبعوا طرق الشيطان التي يزينها لكم بوسوسته . قوله : ( بالتفريق ) أي بأن تتبعوا محمداً في أمور وموسى في أمور أخر . قوله : { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ } تعليل لما قبله ، والعدو هو الذي يسره ما يضرك ويضره ما يسرك . قوله : ( بين العداوة ) من أبان اللازم ، والمعنى أن عداوته بينة وظاهرة لمن نور الله بصيرته وأراد به خيراً ، قال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ } [ الأعراف : 201 ] . قوله : ( عن الدخول في جميعه ) أي جميع أحكامه . قوله : { مِّن بَعْدِ مَا جَآءَتْكُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ } إن قلت أن الزلل لا يكون إلا بعد مجيئها أجيب بأن المراد بمجيئها ظهورها ظهوراً بيناً . قوله : ( لا يعجزه شيء ) أي فلا تفلتون منه . قوله : { حَكِيمٌ } ( في صنعه ) أي يضع الأشياء في محلها ومنها عذاب المفرق . قوله : { هَلْ يَنظُرُونَ } الإستفهام هنا إنكاري توبيخي . قوله : ( الدخول فيه ) أي في جميع أحكامه . قوله : { إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ } استثناء مفرغ ، والمعنى لا ينتظرون شيئاً إلا اتيان الله في ظلل . قوله : ( أي أمره ) دفع بذلك ما يقال إن الإتيان بمعنى الإنتقال من صفات الحوادث وهي مستحيلة على الله تعالى . قوله : { فِي ظُلَلٍ } ظرف للإتيان المذكور ، والمعنى أن الله يرسل عليهم العذاب في صورة الرحمة ، وذلك لأن شأن السحاب الرقيق أن تأتي بالأمطار التي يكون فيها منافع لهم ، وذلك مكر عظيم من الله بهم . قوله : { وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } عطف على لفظ الجلالة ، والمعنى أن إتيان الملائكة مصاحب لعذاب الله المظروف في السحاب الرقيق ، وقرئ شاذاً بجر الملائكة واختلفوا في عطفه ، فقيل معطوف على ظلل وقيل على الغمام . قوله : { وَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } عبر بالماضي لتحقق وقوعه ، فالمقام للمضارع لمناسبة يأتيهم وينظرون وهذا وعيد عظيم لكل من لم يستجمع أحكام الإسلام ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . قوله : ( فيجازي كلا بعمله ) أي فيحاسبكم على النقير والقمطير ويؤول أمركم إلى جنة أو إلى نار .