Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 272-274)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } أي لم يكلفك يا محمد ربك يخلق الهدى فيهم ، بل كلفك بتبليغ شرعه ، ويسمى هدى أيضاً ، قال تعالى : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } [ الرعد : 7 ] بمعنى مبلغ ودال لهم على طريق الحق ، فتحصل أن الهدى يطلق بمعنى الدلالة وهو مكلف به الأنبياء والعلماء ، وبمعنى إيصال الخير للقلب ، وهو لم يكلف به أحد ، قال تعالى : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ القصص : 56 ] ومن هنا قول العارف : من نظر للخلق بعين الحقيقة عذرهم ، ومن نظر لهم بعين الشريعة مقتهم ، فعذرهم بالنظر لخلق الله الضلال والهدى في قلوبهم ، فالخالق للضلال والهدى والأفعال جميعها هو الله وحده ، فمن نظر لذلك لم يستقبح فعل أحد لأنه فعل الله في الحقيقة قال العارف : @ إذا ما رأيت الله في الكل فاعلا رأيت جميع الكائنات ملاحا وإن لم تر إلا مظاهر صنعه حجبت فصيرت الحسان قباحا @@ ومقتهم بالنظر للتكليف الظاهري فالعبد مجبور في قالب مختار قوله : ( هدايته ) قدره إشارة إلى مفعول يشاء قوله : ( لأن ثوابه لها ) أي فلا يضيع الثواب سواء تصدق على مؤمن أو مشرك . قوله : ( لا غيره من أعراض الدنيا ) أي فلا تجعلوا نفقاتكم عليه إلا لوجه الله لا لشيء آخر لأن من كان مقصده وجه الله فلا يخيب أبداً كانت النفقة على مسلم أو كافر ، بل ورد أن الله غفر لإنسان بسبب سقيه كلباً يلهث عطشاً . قوله : ( خبر بمعنى النهي ) راجع للجملة الثانية أي فهي خبرية لفظاً إنشائية معنى ، والمعنى لا تجعلوا إنفاقكم إلا خالصاً لوجه الله لا لغرض آخر لا دنيوي ولا أخروي ، وهذا هو المقام الأعلى ، أو لا تقصدوا إلا وجه الله بمعنى ثوابه ، وهذا أدنى منه ، وارتكبه المفسر وإن كانت الآية محتملة لهما بالنظر لأخلاق العامة ، والمعنى في هذه الجملة أن تكون خبرية لفظاً ومعنى وتكون قيداً فيما قبلها فالمعنى : { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } إن قصدتم بها وجه الله . قوله : { مِنْ خَيْرٍ } أي قليلاً أو كثيراً . قوله : ( تنقصون منه شيئاً ) أي سواء كان قليلاً أو كثيراً ولو خردلة . قوله : ( للأولى ) وهي . قوله : { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ } قوله : ( أي الصدقات ) أي المتقدم ذكرها تصرف وتعطى للفقراء الذين أحصروا الخ . قوله : ( في أهل الصفة ) أي وهي محل في مؤخر المسجد النبوي ، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالمراد كل من كان متصفاً بأوصافهم فالصدقات تعطى له . قوله : ( وهم أربعمائة ) أي ورئيسهم عبد الرحمن بن صخر المكنى بأبي هريرة . قوله : ( من المهاجرين ) أي الذين هاجروا مع رسول الله من مكة وما حولها وتركوا أموالهم وديارهم ، ولم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر ، وكانوا غير متزوجين ، وكانوا يستغرقون أوقاتهم في الاشتغال بالقرآن والسنة والعبادة ليلاً والجهاد نهاراً ، وكانوا يقفون أول صف في الصلاة الجهاد . قوله : ( أرصدوا لتعلم القرآن ) أي والصلاة خلف النبي وقيام الليل . قوله : ( بالجهاد ) أي في طاعة الله ، إما بالغزو أو بتعلمهم القرآن ، وغير ذلك من أنواع الطاعات . قوله : ( وأثر الجهد ) أي من عظيم الخدمة مع الجوع . قوله : ( شيئاً ) قدره إشارة إلى مفعول يسألون ، قوله : ( فيحلفون ) قدره إشارة إلى أن إلحافاً مفعول لمحذوف . قوله : ( أي لا سؤال لهم أصلاً ) أي فالنفي منصب على القيد هو الالحاف والمقيد وهو أصل السؤال ، فالالحاف منفي قطعاً لانتفاء أصل السؤال . قوله : { وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ } هذه الجملة تأكيد للجملة المتقدمة . قوله : { ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } قيل نزلت في أبي بكر حيث تصدق بأربعين ألف دينار ، عشرة آلاف بالليل ومثلها بالنهار ، ومثلها سراً ومثلها علانية ، وقيل في علي كان مع أربعة دراهم لم يملك غيرها ، فتصدق بدرهم ليلاً وبآخر نهاراً وبآخر سراً وبآخر علانية ، ولكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالمراد بيان أجر المنفق على هذا الوجه ، فلا خصوصية لأبي بكر بذلك ولا لعلي . قوله : ( أي يأخذونه ) أشار بذلك إلى أن المراد ليس خصوص الأكل بل التناول مطلقاً . قوله : ( القدر ) مراده به ربا الفضل أي الزيادة وهو حرام في متحد الجنس فقط ، وقوله : ( والأجل ) مراده به ربا النساء وهو حرام وإن تعدد الجنس ، قال الأجهوري : @ ربا النسا في النقد حرم مثله طعام وإن جنساهما قد تعددا وخص ربا فضل ينقد ومثله طعام ربا إن جنس كل توحدا @@ واعلم أن الربا محرم كتاباً وسنة واجماعاً فمن استحله فقد كفر ، وقد ورد في ذم آكل الربا من الأحاديث ما لايحصى ، فمنها " لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده كلهم في اللعنة سواء " ومنها " أنه رأى ليلة الأسراء رجلاً يسبح في نهر من دم يلقم الحجارة فقال ما هذا يا جبريل قال هذا مثل آكل الربا " .