Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 52-54)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ } الخ ، هذه تسلية ثانية لرسول الله صلى الله عليه وسلم . قوله : { مِن رَّسُولٍ } { مِن } زائدة في المفعول أي رسولاً . قوله : ( هو نبي أمر بالتبليغ ) أي إنسان ذكر حر ، أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه . قوله : { وَلاَ نَبِيٍّ } عطف على { رَّسُولٍ } . إن قلت : إن تفسير النبي بكونه لم يؤمر بالتبليغ ، ينافي قوله أرسلنا . أجيب : بأن الإرسال معناه البعث لنفسه ، لأنه أوحي إليه شرع يعمل به في نفسه ، وليس مأموراً بتبليغه للخلق ، أو يقدر قبل قوله ولا نبي ما يناسبه ، كأنه يقال مثلاً : ولا نبأنا من نبي على حد : علفتها تبناً وماءً بارداً . قوله : ( أي لم يؤمر بالتبليغ ) أشار المفسر بهذا ، إلى أن العطف في الآية مغاير ، وإن كان لفظ النبي أعم . قوله : ( قراءته ) إنما سميت القراءة أمنية ، لأن القارئ إذا وصل إلى آية رحمة تمنى حصولها ، أو أية عذاب تمنى البعد عنه . قوله : ( ما ليس من القرآن ) مفعول ألقى . قوله : ( مما يرضاه ) بيان لما . قوله : ( المرسل إليهم ) أي وهم الكفار . قوله : ( وقد قرأ النبي ) أشار بذلك إلى أن سبب نزول هذه الآية ، قراءة النبي سورة النجم ، وذلك كان في رمضان سنة خمس من البعثة ، وكانت الهجرة إلى الحبشة في رجب من تلك السنة ، وقدوم المهاجرين إلى مكة كان في شوال من تلك السنة . قوله : ( بإلقاء الشيطان ) متعلق يقرأ . قوله : ( تلك الغرانيق ) معمول ( قرأ ) والغرانيق في الأصل الذكور من طير الماء واحدها غرنوق كفردوس ، أو غرنوق كعصفور ، وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله وتشفع لهم ، فشبهت بالطيور التي تعلو في السماء وترتفع . قوله : ( ففرحوا بذلك ) أي بما سمعوه وقالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم . قوله : ( يبطل ) أي يزيل ، فالنسخ في اللغة معناه الإزالة ، وما ذكره المفسر من قصة الغرانيق ، رواية عامة للمفسرين الظاهريين . قال الرازي : أما أهل التحقيق فقد قالوا : هذه الرواية باطلة موضوعة ، واحتجوا على البطلان بالقرآن والسنة والمعقول ، أما القرآن فبوجوه : أحدها قوله تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } [ الحاقة : 44 ] الآية . ثانيها { قُلْ مَا يَكُونُ لِيۤ أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَآءِ نَفْسِيۤ } [ يونس : 15 ] الآية : ثالثها قوله تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } [ النجم : 3 ] . وأما السنة فمنها ما روي عن محمد بن خزيمة أنه سئل عن هذه القصة فقال : هي من وضع الزنادقة ، وقال البيهقي : هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل ، فقد روى البخاري في صحيحه ، أنه صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم ، وسجد فيها المسلمون والكفار والإنس والجن ، وليس في حديث الغرانيق . وأما المعقول فمن أوجه : أحدها : أن من جوز على النبي صلى الله عليه وسلم تعظيماً للأوثان فقد كفر . ثانيها : لو كان الإلقاء على الرسول ثم الإزالة عنه ، لكانت عصمته من أول الأمر أولى ، وهو الذي يجب علينا اعتقاده في كل نبي . ثالثها ، وهو أقوى الأوجه : أنا لو جوزنا ذلك ، لارتفع الأمان عن شرعه . ثم قال الرازي : وقد عرفنا أن هذه القصة موضوعة ، وخبر الواحد لا يعارض الدلائل العقلية والنقلية المتواترة ، قاله الخطيب ، ثم قال : وهذا هو الذي يطمئن إليه القلب ، وإن أطنب ابن حجر العسقلاني في صحتها ، انتهى . ويكون معنى الآية على هذا التحقيق ، ألقى الشيطان في أمنيته أي تلاوته شبهاً وتخيلات في قلوب الأمم ، بأن يقول لهم الشيطان : هذا سحر وكهانة ، فينسخ الله تلك الشبه من قلوب من أراد لهم الهدى ، ويحكم الله آياته في قلوبهم ، والله عليم بما ألقاه الشيطان في قلوبهم ، وحكيم في تسليطه عليهم ، ليميز المفسد من المصلح . قوله : وَ { لِّيَجْعَلَ مَا يُلْقِي ٱلشَّيْطَانُ } متعلق بيحكم أي ثم يحكم الله آياته ليجعل ، الخ . قوله : { وَٱلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ } عطف على الذين ، أي فتنة للقاسية قلوبهم . قوله : ( حيث جرى على لسانه ) الخ ، قد علمت أن هذا خلاف الصواب ، والصواب أن يقول حيث سلط الشيطان عليهم بالوسوسة والطعن في القرآن . قوله : { وَلِيَعْلَمَ } عطف على ليجعل . قوله : { فَيُؤْمِنُواْ بِهِ } أي بالقرآن . قوله : ( أي دين الإسلام ) أي وسمي صراطاً لأنه يوصل لمرضاة الله ، كما أن الصراط يوصل لدار النعيم .