Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 39-40)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ } الخ ، لما ضرب الله المثل للمؤمنين بأشرف الأمثال وأعلاها ، ضرب المثل للكفار بأشر الأشياء وأخسها . والحاصل أن الله ضرب للكفار مثلين : مثل لأعمالهم الحسنة بقوله : { كَسَرَابٍ } الخ ، ومثل لأعمالهم السيئة بقوله : { كَظُلُمَاتٍ } الخ ، والاسم المصول مبتدأ ، و { كَفَرُوۤاْ } صلته ، { أَعْمَالُهُمْ } مبتدأ ثان ، { كَسَرَابٍ } خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر الأول ، ويصح أن يكون { أَعْمَالُهُمْ } بدل اشتمال ، و { كَسَرَابٍ } خبر { ٱلَّذِينَ } . قوله : { أَعْمَالُهُمْ } أي الصالحة ، كصدقة وعتق وغير ذلك مما لا يتوقف على نية . قوله : { بِقِيعَةٍ } الباء بمعنى في كما يشير له المفسر بقوله : ( أي في فلاة ) . قوله : ( جمع قاع ) أي كجيرة جمع جار ، وقيل القيعة مفرد بمعنى القاع . قوله : ( يشبه الماء الجاري ) أي ويسمى آلاً أيضاً ، قال الشاعر : @ إذا أنا كالذي يجري لورد إلى آل فلم يدرك بلالا @@ ويسمى سراباً لأنه يتسرب أي يجري كالماء . قوله : { يَحْسَبُهُ } بكسر السين وفتحها ، قراءتان سبعيتان ، وماضية حسب بكسر السين ، وهو من باب تعب في لغة جميع العرب ، إلا بني كنانة ، فإنهم يكسرون المضارع مع كسر الماضي أيضاً . قوله : { ٱلظَّمْآنُ } أي وكذا على كل من رآه ، وإنما خص { ٱلظَّمْآنُ } لأنه أحوج اليه من غيره . قوله : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ } أي جاء ما قصده وظنه ماء ، وهو غاية في محذوف ، أي يستمر سائراً اليه { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ } الخ . قوله : ( كذلك الكافر ) الخ ، أشار بذلك إلى وجه الشبه ، فتحصل أنه شبه حال الكافر من حيث اعتقاده ، أن عمله الصالح ينفعه في الآخرة ، فإذا جاء يوم القيامة ، لم يجد الثواب الذي كان يظنه ، بل وجد العقاب العظيم والعذاب الأليم ، فعظمت حسرته بحال الظمآن الذي اشتدت عليه حاجته إلى الماء ، فإذا شاهد السراب تعلق به ، فإذا جاء لم يجده شيئاً . قوله : { وَوَجَدَ ٱللَّهَ } أي وجد وعد الله بالجزاء على عمله ، أو المعنى وجد عذاب الله له . قوله : ( أي جازاه عليه في الدنيا ) المعنى أن الكافر يوم القيامة يعلم ويتحقق ، أن الله جازاه على أعماله الحسنة التي لم تتوقف على نية في الدنيا ، بالمال والبنين والعافية ، وغير ذلك من لذات الدنيا ، هكذا قال المفسر ، وهو وإن كان صحيحاً في نفسه ، إلا أن المفسرين على خلافه ، فإنهم قالوا : معنى وفاه حسابه ، جازاه عليه في الآخرة بالعذاب . والحاصل أنه إن أريد مثلاً أعماله الصالحة التي تتوقف على نية ، فمسلم أنه لا يجد لها جزاء في الآخرة ، ولا تنفعه أصلاً ، وإن أريد خصوص ما لا يتوقف على نية فقيل لا يجد لها نفعاً أصلاً ، وقيل يجد نفعها ، إما في الدنيا كتوستعها عليه وعافيته وغير ذلك أو في الآخرة بتخفيف عذاب غير الكفر . قوله : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ } أو للتقسيم ، أي إن أعمال الكافر تنقسم قسمين ، قسم كالسراب وهو العمل الصالح ، وقسم كالظلمات وهو العمل السيئ ، وقوله : { أَوْ كَظُلُمَاتٍ } معطوف على قوله : { كَسَرَابٍ } على حذف مضاف تقديره أو كذي ظلمات يدل عليه قوله : { إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } . قوله : { لُّجِّيٍّ } منصوب للج أو للجة ، وهو الماء الغزير . قوله : { يَغْشَاهُ مَوْجٌ } الخ ، أي يعلوه ، وهو إشارة إلى كثرة الأمواج وتراكمها ، والمعنى أن البحر اللجي يكون باطنه مظلماً بسبب غزارة الماء ، فإذا ترادفت الأمواج ازدادت الظلمة ، فإذا كان مع ذلك سحاب ، ازدادت الظلمة جداً ، ووجه الشبه أن الله تعالى ذكر ثلاث ظلمات : ظلمة البحر والأمواج والسحاب ، كذلك الكافر له ثلاث ظلمات : ظلمة الاعتقاد ، وظلمة القول ، وظلمة الفعل . قوله : { مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ } أي قد غطى أنوار النجوم . قوله : ( هذه ) { ظُلُمَاتٌ } أشار بذلك إلى أن قوله : { ظُلُمَاتٌ } خبر لمحذوف . قوله : { إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ } خصها لأنها أقرب الأشياء اليه . قوله : { وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ ٱللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ } استفيد من هذا أن النور ليس بالحول ولا بالقوة ، بل بفضل الله يعطيه لمن يشاء ، ولمعنى من لم يجعل الله له ديناً وإيماناً ، فلا دين له .