Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 144-145)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } أي لا رب معبود فالقصر قصر قلب ، والمقصود من ذلك الرد على المنافقين ، حيث قالوا لضعفاء المسلمين إن كان محمد قتل فارجعوا إلى دينكم ودين آبائكم ، فأفاد أن محمداً عبد مرسل يجوز عليه الموت لا رب معبود حتى تترك عبادة الله من أجل موته ، لأن المقصود من وجوده تبليغ رسالة ربه ، ولذلك نزل قرب وفاته { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً } [ المائدة : 3 ] ولكن يجب علينا تعظيمه واحترامه حياً وميتاً ، واعتقاد أن معجزاته باقية واتباعه وطاعته ، قال تعلى : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] ولم يقل لأصحابك ، وقال عليه الصلاة والسلام : " حياتي خير لكم ومماتي لكم فمن اعتقد أن النبي لا نفع به بعد الموت بل هو كآحاد الناس فهو الضال المضل " . قوله : { أَوْ قُتِلَ } أي فرضاً . قوله : ( رجعتم إلى الكفر ) أشار بذلك إلى أن قوله : { ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } كناية عن الرجوع للكفر لا حقيقة الإنقلاب على الأعقاب الذي هو السقوط إلى خلف ، وهذه الآية قالها أبو بكر الصديق يوم وفاته صلى الله عليه وسلم حين طاشت عقول الصحابة وارتد من ارتد ، حتى قال عمر : كل من قال إن محمداً قد مات رميت عنقه بسيفي ، فبلغ أبا بكر الخبر فدخل على النبي صلى الله عليه وسلم وكشف اللثام عن وجهه وقبله بين عينيه وقال طبت يا حبيبي حياً وميتاً ، كنت أود لو أفيدك بنفسي ومالي ، ولكن قال الله إنك ميت وإنهم ميتون ، وخرج وجمع الصحابة وصعد المنبر وخطب خطبة عظيمة قال فيها : أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، وقد قال تعالى : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ } الآية ، فثبت الناس حتى قال عمر : والله كأن هذه الآية لم أسمعها إلا من أبي بكر . قوله : ( والجملة الأخيرة ) أي التي هي قوله : { ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } . قوله : { وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ } هذا رد لمن يفر من القتال خوفاً على نفسه من الموت . قوله : ( لا يتقدم ولا يتأخر ) أي لقوله تعالى : { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } [ الأعراف : 34 ] . قوله : { وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا } أي بصرف نيته للدنيا وزخارفها تاركاً الآخرة وما فيها . قوله : ( وما قسم له ) من الدنيا يأتيه على كل حال ، فلا فرق بين من يطلبها ومن لا يطلبها ، فلا تجعل الدنيا أكبر همك ولا مبلغ علمك ، بل اجعل مطمح نظرك عبادة ربك ، قال تعالى : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] وما قدر لك فلا بد من وصوله إليك طلبته أو لا .