Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 50-50)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ } إلخ ، اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية فقيل : المعنى أن الله أحل له أن يتزوج بكل امرأة دفع مهرها إلخ ، فعلى هذا تكون الآية ناسخة للتحريم الكائن بعد التخيير المدلول عليه بقوله : ( لا تحل لك النساء من بعد ) فهذه الآية وإن كانت متقدمة في التلاوة ، فهي متأخرة في النزول عن الآية المنسوخة بها ، كآية الوفاة في البقرة ، وقيل المراد { أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ } الكائنات عندك ، لأنهن اخترنك على الدنيا ، ويؤيده قول ابن عباس : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج من اي النساء شاء ، وكان يشق على نسائه ، فلما نزلت هذه الآية ، وحرم عليه بها النساء إلا من سمى ، سر نساؤه بذلك ، والقول الأول أصح . قوله : { ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ } بيان لما يفعله من مكارم الأخلاق ، وإلا فالله أحل له أن يتزوج بلا مهر . قوله : { مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ } بيان لما ملكت يمينك ، وهذا القيد خرج مخرج الغالب ، بل الملك بالشراء كذلك . قوله : ( كصفية ) هي بنت حيي بن أخطب من نسل هارون أخي موسى ، وتقدم أنها كانت من سبي خيبر ، أذن النبي صلى الله عليه وسلم لدحية الكلبي في أخذ جارية فأخذها ، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم أعطيته سيدة بني قريظة والنضير ، وهي لا تصلح إلا لك ، فخشي عليها الفتنة ، فأعطاه غيرها ثم أعتقها وتزوجها وبنى بها وهو راجع إلى المدينة ، وفي رواية : أنه صلى الله عليه وسلم قال لها : هل لك فيَّ ؟ قالت : نعم يا رسول الله ، إني كنت أتمنى ذلك في الشرك ، وكان بعينها خضرة ، فسألها عنها فقالت : إنها كانت نائمة ، ورأس زوجها ملكهم في حجرها ، فرأت قمراً وقع في حجرها ، فلما استيقظ أخبرته فلطمها وقال : تتمنين ملك يثرب ، ماتت في رمضان سنة خمسين ودفنت في البقيع . قوله : ( وجويرية ) أي وهي بنت الحرث الخزاعية ، وكانت وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري ، فكاتبها فجاءت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم وعرفته بنفسها فقال : هل لك إلى ما هو خير من ذلك ، أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك ؟ فقالت : نعم ، فسمع الناس بذلك ، فأعتقوا ما بأيديهم من قومها وقالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة : فما رأينا امرأة كانت أعظم في قومها بركة منها ، أعتق بسببها مائة أهل بيت من بني المصطلق ، وقسم لها النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت بنت عشرين سنة ، وتوفيت سنة خمسين . قوله : { وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ } أي نساء قريش المنسوبات لأبيك ، وقوله : { وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ } أي نساء بني زهرة المنسوبات لأمك ، وحكمة إفراد العم والخال دون العمة والخالة ، أن العم والخال يعمان إذا أضيفا ، لكونهما مفردين خاليين من تاء واحدة ، والعمة والخالة لا يعمان لوجود التاء . قوله : ( بخلاف من لم يهاجرن ) أي فلا يحللن له ، وهذا الحكم كان قبل الفتح ، حين كانت الهجرة شرطاً في الإسلام ، فلما نسخ حكم الهجرة ، نسخ هذا الحكم . قوله : { وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً } معطوف على مفعول { أَحْلَلْنَا } أي وأما غير المؤمنة فلا تحل له ، وظاهر الآية أن النكاح ينعقد في حقه صلى الله عليه وسلم بالهبة ، وحينئذ فيكون من خصوصياته ، والنساء اللاتي وهبن أنفسهن أربع : ميمونة بنت الحرث ، وزينب بنت خزيمة أم المساكين الأنصارية ، وأن شريك بنت جابر ، وخولة بنت حكيم . واعلم أنه يحرم على النبي تزوج الحرة الكتابية لما في الحديث : " سألت ربي أن لا أزوج إلا من كان معي في الجنة فأعطاني " ولقوله تعالى : { وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ } [ الأحزاب : 6 ] ولا يليق أن تكون المشركة أم المؤمنين ، ويحرم عليه أيضاً نكاح الأمة ولو مسلمة ، لأن نكاحها مشروط بأمرين : خوف العنت ، وعدم وجود مهر الحرة ، وكلا الأمرين مفقود منه صلى الله عليه وسلم ، وأما تسرية بالأمة الكتابية ففيه خلاف . قوله : { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ } أظهر في محل الإضمار ، تشريفاً لهذا الوصف ، وإظهاراً لعظمة قدره عليه . قوله : { إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا } هذا الشرط في الشرط الأول ، فإن هبتها نفسها لا توجب حلها ، إلا إذا أراد نكاحها ، بأن يحصل منه القبول بعد الهبة ، أو يسألها في ذلك قبل الهبة فتدبر . قوله : { خَالِصَةً } مصدر معمول لمحذوف ، أي خلصت لك خالصة ، ومجيء المصدر على هذا الوزن كثير ، كالعاقبة والعافية والكاذبة . قوله : ( من غير صداق ) أي ومن غير ولي وشهود . قوله : ( وغيره ) أي كهبة . قوله : ( بخلاف المجوسية ) إلخ ، فلا تحل لمالكها إلا إذا استسلمها ، وذلك كجواري السودان والحبشة والمغرب ، لأنهن يجبرن على الإسلام ، ولذا لا يجوز للكفار شراؤهن كما هو مقرر في الفقه . قوله : ( وأن تستبرأ قبل الوطء ) أي كتابية كانت أو مجوسية . قوله : ( متعلق بما قبل ذلك ) أي وهو قوله : { إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ } والمعنى : أحللنا لك أزواجك ، وما ملكت يمينك ، والموهوبة لك ، لئلا يكون عليك ضيق . قوله : ( لما يعسر التحرز عنه ) أي لقولهم إذا ضاق الأمر اتسع .