Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 41, Ayat: 53-54)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ } الضمير عائد على كفار مكة ، والمعنى : سنري كفار مكة دلائل قدرتنا حال كونها في الآفاق ، جمع أفق كأعناق وعنق ، ويقال أفق بفتحتين ، كعلم وأعلام . قوله : ( من النيرات ) أي الشمس والقمر والنجوم ، وقوله : ( والأشجار والنبات ) أي والرياح والأمطار والجبال والبحار ، وغير ذلك من العجائب العلوية والسفلية . قوله : { وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ } أي كخلقهم أولاً ، نطقاً ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ، ثم بعد تمام مدتهم في البطون ، يخرجهم إلى فضاء الدنيا ضعافاً ، ثم يعطيهم القوة شيئاً فشيئاً وهكذا ، واستشكل ظاهر الآية ، بأن السين تدل على تخليص المضارع للاستقبال ، مع أنهم مشاهدون هذه الآيات في الحال . أجيب : بأن الكلام على حذف مضاف ، والتقدير سنريهم عواقب آياتنا وأسرارها ، ففيه وعد للمعتبر ، ووعيد لغيره ، لأن حكمة هذه الآيات ، النظر والتأمل والاعتبار ، فمن اعتبر بهذه الآيات فقد سعد ، ومن تركه فقد شقي . قوله : ( من لطيف الصنعة وبديع الحكمة ) من ذلك ما خلقه وأبدعه في نفس الإنسان ، كالأكل والشرب ، يدخل من مكان واحد ، ويتميز ذلك خارجاً من مكانين مختلفين ، لا يختلط أحدهما بالآخر ، وبالبصر فإنه ينظر به السماء من الأرض مسيرة خمسمائة عام ، والسمع فإنه يفرق به بين الأصوات المختلفة ، وغير ذلك ، وهذا ما قرر به المفسر الآية . وهناك احتمالات أخر منها : أن المراد بالآيات ما أخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم من الحوادث الآنية ، والمراد بالآفاق فتح القرى له ولخلفائه من بعده ، الذي لم يتيسر مثله لأحد من خلفاء الأرض قبلهم ، والمراد بأنفسهم فتح مكة وملكهم ، وقد تحقق ذلك لرسول الله وخلفائه من بعده ، ومنها : أن المراد بالآيات وقائع الأمم السابقة ، والمراد بأنفسهم ما حصل لهم يوم بدر من القتل والأسر ، ومنها غير ذلك . قوله : { أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ } إلخ ، الهمزة داخلة على محذوف ، والواو عاطفة عليه ، والتقدير : أتحزن على إنكارهم ومعارضتهم لك ، ولك يكفك ربك ؟ والاستفهام انكاري ، والباء زائدة في الفاعل ، والمفعول محذوف تقديره يكفك ، وإن وما دخلت عليه في تأويل مصدر بدل من الفاعل ، بدل كل من كل ، والمعنى : أتحزن على كفرهم ، ولم يكفك شهادة ربك لك وعليهم ؟ والمفسر قرر الآية بتقرير آخر ، والمؤدى واحد ، حيث جعل الآية إخباراً عن حالهم ، وعليه فالمعنى : ألم يعتبروا ؟ أو لم يكفهم شهادة ربك لك بالصدق ، وعليهم بالتكذيب ؟ قوله : ( لأنكارهم البعث ) أي بألسنتهم ، والمعنى : أن الدليل لنا على كونهم في شك من لقاء ربهم ، إنكارهم بألسنتهم للبعث ، ولا يقال : إن عندهم جزماً في قلوبهم بعدم البعث ، لأننا نقول : لا دليل لهم عليه ، حتى يحصل الجزم بالأوهام ، أو وساوس شيطانه ، والحجة القطعية إنما هي على البعث ، وهكذا سائر عقائد الكفر فتدبر . قوله : { أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ } تسلية له صلى الله عليه وسلم والمعنى : لا تحزن على كفرهم ، فإن الله محيط بكل شيء ، فلا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ، ومن لازمه أنه يجازيهم ، فلذلك قال المفسر : ( فيجازيهم ) .