Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 64-65)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ } أي بعضهم وهو فنحاص بن عازوراء ، وإنما نسب القول لهم عموماً لرضاهم به ولم ينهوا عنه . قوله : ( بتكذيبهم ) الباء سببية . قوله : ( بعد أن كانوا أكثر الناس مالاً ) أي وأخصب أرضاً . قوله : ( مقبوضة ) أي ممسوكة عن بسط العطاء لنا . قوله : ( كنوا به عن البخل ) أي لأنه يلزم من قبض اليد عن الإعطاء للمستحقين البخل . قوله : ( تعالى الله عن ذلك ) أي تنزه سبحانه عن ما وصفوه من البخل ، لأن البخل هو منع المستحق من حقه ، وليس لأحد حق على الله تعالى ، بل هو الكريم الحقيقي الذي عم عطاؤه والطائع والعاصي لا لغرض ولا لعوض . قوله : ( دعاء ) إما بالرفع خبر لمحذوف والتقدير هو دعاء ، أي طلب من نفسه بنفسه غلول أيديهم ، ويصح النصب على أنه مفعول لأجله ، أي قال تعالى الدعاء عليهم . قوله : { وَلُعِنُواْ } معطوف على { غُلَّتْ } فهو في حين الدعاء ، فسبب هذه المقالة صاروا أشقياء آيسين من رحمة الله ، فلم يوفقوا لفعل خير بعد ذلك أبداً ، وطردوا عن رحمة الله في الدنيا والآخرة . قوله : { بَلْ يَدَاهُ } إضراب إبطالي ، ويداه مبتدأ ، و { مَبْسُوطَتَانِ } خبره ، وجملة ينفق : إما خبر ثان أو استئناف بياني ، وكيف اسم شرط ، ويشاء فعل الشرط ، ومفعوله محذوف تقديره الإنفاق له ، وجوب الشرط محذوف دل عليه قول ينفق . قوله : ( مبالغة في الوصف بالجود ) أي الإعطاء الكثير الذي عم الطائع والعاصي ، واعلم أن معاملة الله للمؤمنين بالفضل إعطاء أو منعاً ، لأنه ما منعهم عطاء الدنيا إلا لكونه ادخر لهم ما هو أعظم منه في الآخرة ، وأما معاملته للكفار ، فبالفضل عند الإعطاء ، وبالعدل عند المنع ، يكون لأحد حق عليه . قوله : ( وثني اليد الخ ) أي فذكر اليدين مشاكلة ، والتثنية كناية عن كثرة العطاء ، لكن على مراده هو ، لا على مراد عبيده ، لأنه ليس لأحد حق عليه يطلبه منه ، ثم في إطلاق اليد على الله طريقتان : طريقة السلف أن اليد صفة من صفاته أزلية ، كالسمع والبصر ، ينشأ عنها الخير لا الشر ، فهي أخص من القدرة ، لأن القدرة ينشأ عنها جميع الممكنات ، إيجاداً وإعداماً ، خيراً أو شراً ، ولا يعلمها إلا هو ، ويشهد لما قلنا . قوله : { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } [ ص : 75 ] أي اصطفيته ، ولم يقل بقدرتي ، وطريقة الخلف أن اليد تطلق بمعنى الجارحة ، وهي مستحيلة على الله ، وتطلق على القدرة والنعمة والملك ، ويصح إرادة كل منهما في حق الله . إن قلت : على تفسيرها بالقدرة أو النعمة ، فلم ثنيت ثانياً بعد إفرادها أولاً ؟ أجيب : بأن التثنية لإفادة كثرة الكرم والعطاء كما قال المفسر إن قلت : على تفسيرها بالنعمة فمقتضاه جمعها لأن النعم كثيرة ، قال تعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَآ } [ النحل : 18 ، إبراهيم : 34 ] أجيب : بأن التثنية بحسب الجنس ، لأن النعم جنسان مثل : نعمة الدنيا ونعمة الدنيا ، ونعمة الظاهر ونعمة الباطن ، ونعمة الإعطاء ونعمة المنع ، وتحت كل واحد من الجنسين أنواع كثيرة ، وما قلناه عقائد المؤمنين ، وعقيدة اليهود أنها الجارحة لأنهم مجسمة . قوله : ( فكل فرقة منهم ) أي اليهود كالجبرية والقدرية والمشبهة والمرجئة ، والنصارى كذلك فرق كالملكانية والنسطورية واليعقوبية والماردانية . إن قلت : إن المسلمين فرق أيضاً ؟ أجيب : بأن افتراق المسلمين في الفروع لا الأصول ، وكلهم على خير مسلمين لبعضهم ، وأما من خرج عن ذلك فهو ضال مضل . قوله : { كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ } أي بتعاطي أسبابه ومبادئه . قوله : ( ردهم ) أي قهرهم وجعلهم أذلة خاشعين . قوله : ( أي مفسدين ) أشار بذلك إلى أنه خال من فاعل يسعون ، ويصح أن يكون مصدراً مؤكداً ليسعون من معناه . قوله : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَٰبِ } بيان لحالهم في الآخرة ، فهو تردد لهم لعلهم يهتدون ، ومن هنا لا يجوز لعن كافر معين حي ، لأنه يحتمل أنه يهتدي . قوله : ( من الكتب ) أي ككتاب شعياء ، وكتاب دانيال ، وكتاب أرمياء ، ففي هذه الكتب أيضاً ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ، فالمراد بإقامة الكتب الإيمان به صلى الله عليه وسلم ، وقيل المراد بما أنزل إليهم من ربهم القرآن ، لأنهم مأمورون بالإيمان به ، لأنهم من جملة أمته صلى الله عليه وسلم ، ولعل هذا هو الأقربز قوله : ( بأن يوسع عليهم الرزق ) أي بأن يفيض عليهم بركات السماء والأرض ، ويؤخذ من هذه الآية أن طاعة الله سبب في الرزق ، ومعاصيه سبب في قبضه ، قال تعالى : { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ } [ الطلاق : 2 - 3 ] وقال تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } [ النحل : 97 ] . وقال عليه الصلاة والسلام : " إذا رأيت قساوة في قلبك وحرماناً في رزقك ووهناً في بدنك فاعلم أنك تكلمت فيما لا يعنيك " .