Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 159-160)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ } الأقرب كما قال المفسر ، أنها نزلت في اليهود والنصارى لما ورد : قام فينا رسول الله فقال : " ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفرق على ثلاثة وسبعين ، اثنتان وسبعون في النار ، وواحدة في الجنة وهي الجماعة " ، وفي رواية : " من كان على ما أنا عليه وأصحابي " قوله : ( فاخذوا بعضه ) أي كما حكاه الله عنهم بقوله في سورة النساء : { وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ } [ النساء : 150 ] . قوله : ( وفي قراءة ) أي وهي سبعية أيضاً . قوله : { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } أي لست مأموراً بقتالهم ، وهذا ما مشى عليه المفسر من أنها منسوخة ، وقيل إنها محكمة ، والمعنى أنت بريء منهم ومن أفعالهم ، لقطع نسبهم منك بكفرهم . قوله : ( فيجازيهم به ) أي بفعلهم . قوله : ( وهذا ) أي قوله : { لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ } . قوله : { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ } أي يوم القيامة . قوله : { فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } هذا إخبار بأقل المضاعفة ، وإلا فقد جاء مضاعفة الحسنة بسبعين وسبعمائة وبغير حساب ، واعلم أن المضاعفة تابعة للإخلاص ، فكل من عظم إخلاصه ، كانت مضاعفة حسناته أكثر ، ومن هنا قوله عليه السلام : " الله الله في أصحابي ، لا تتخذوهم غرضاً من بعدي ، فوالذي نفسي بيده ، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه " وفسر الحسنة بلا إله إلا الله ، وهو أحد تفسيرين ، والآخر أن المراد بها كل ما أمر الله به ، فيشمل الذكر والصلاة والصدقة ، وغير ذلك من أنواع البر ، وهو الأولى ، لأنه أراد خصوص ما ينجي من الشرك ، فذلك جزاؤه دخول الجنة ، وإن أراد الذكر بها فلا مفهوم لها ، لأن العبرة بعموم اللفظ ، وأفرد في الحسنة والسيئة ، لأنه لو جمع لربما توهم أن الجزاء إجمالي ، بحيث يعطي في نظير حسناته كلها عشرة أمثالها ، بل الجزاء لكل فرد من أفراد الحسنات والسيئات ، لأن الحسنات تتفاوت ، فربما جوزي على بعضها عشراً وعلى بعضها أكثر . قوله : { أَمْثَالِهَا } جمع مثل إن قلت : إنه مذكر ، فكان مقتضاه تأنيث العدد ، قال ابن مالك : @ ثلاثة بالتاء قل للعشرة في عد ما آحاده مذكره في الضدد جرد الخ @@ وأجيب بأنه جرد التاء مراعاة لإضافة مثل لضمير الحسنة ، فكأنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه ، أو يقال إن أمثال صفة لموصوف محذوف تقديره عشر حسنات أمثالها ، فجرد العدد من التاء مراعاة الموصوف المحذوف ، وإلى هذا الثاني أشار المفسر بقوله : ( أي جزاء عشر حسنات ) . قوله : { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ } أي الشرك على ما قاله المفسر ، حيث فسر الحسنة بلا إله إلا الله ، أو ما هو أعم وهو الأولى . قوله : { فَلاَ يُجْزَىۤ إِلاَّ مِثْلَهَا } أي إن مات غير تائب وجوزي ، وإلا فأمره مفوض لربه ، فإن شاء عذبه ، وإن شاء عفا عنه ، وأما إن مات تائباً فلا سيئة له ، لأنه من المحبوبين لله والمحبوب لا سيئة له ، قال تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّابِينَ } [ البقرة : 222 ] ، وقال عليه الصلاة والسلام : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له " قوله : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أي العاملون للحسنات والسيئات . قوله : ( ينقصون من جزائهم ) هذا بالنظر لجزاء الحسنات ، أي ولا يزاد في سيئات أهل العقاب ، فالظلم نقص الحسن والزيادة في المسيء ، وتسميته ظلماً تنزل منه سبحانه وتعالى ، وإلا فالظلم التصرف في ملك الغير ، ولا ملك لأحد منه تبارك وتعالى ، وأما الزيادة في الحسنات فليس بظلم ، بل هو تفضل منه وإحسان ، واعلم : أن الحسنة تتفاوت ، والسيئة كذلك ، فليس من تصدق بدرهم كمن تصدق بدينار وهكذا ، وليس من فعل صغيرة كمن فعل كبيرة وهكذا ، فعشرة أمثال الحسنة من شكلها ، ومثل السيئة من شكلها ، واعلم أيضاً : أن هذا الجزاء لمن فعل الحسنة والسيئة ، وأما من هم بحسنة ولم يعملها ، كتبت له حسنة واحدة ، ومن هم بسيئة ولم يعملها ، فإن تركها خوف الله كتبت حسنة ، وإن تركها لا لذلك ، لم تكتب شيئاً ، لما في الحديث : " قال الله تعالى : إذا تحدث عبدي بحسنة ولم يعملها ، فأنا أكتبها له بعشر حسنات ، وإذا تحدث عبدي بسيئة ولم يعملها ، فأنا أغفرها له حتى يعملها ، فإن عملها فأنا أكتبها له بمثلها " .