Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 71-73)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { قُلْ أَنَدْعُواْ } قيل سبب نزولها أن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق قبل إسلامه دعا والده إلى عبادة الأصنام ، فنزلت الآية أمراً للنبي صلى الله عليه وسلم أن يرد على عبد الرحمن ومن يقول بقوله ، وفيه اعتناء بشأن الصديق وإظهار لفضله ، حيث وجه الأمر إلى رسول الله ، وفي الواقع الأمر لأبي بكر ، والمعنى لا يليق منا عبادة من لا ينفعنا إذا عبدناه ، ولا يضرنا إذا تركناه . قوله : { وَنُرَدُّ عَلَىٰ أَعْقَابِنَا } معطوف على أندعوا ، فهو داخل في حيز الاستفهام . قوله : { بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ٱللَّهُ } أي بعد وقت هداية الله لنا . قوله : { كَٱلَّذِي } صفة لموصوف محذوف ، أي نرد رداً مثل الذي استهوته ، والاستهواء من الهوى وهو السقوط من علو إلى سفل ، سمى الاضلال بذلك ، لأن من سقط من علو إلى سفل ولم يجد محلاً يستند عليه هلك ، فكذلك من ترك الدين القويم ولم يتبعه هلك ولا يجد ناصراً وقد صرح بالمراد من هذا التشبيه في قوله تعالى : { وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ } [ الحج : 31 ] والحاصل أن المشرك بالله مع وجود من يدله على التوحيد ، مثله مثل من اختطفته الشياطين وسارت به في المفاوز والمهالك ، مع سماعه مناداة من يأخذ بيده ويخلصه منهم وهو مفرط وراض لنفسه بذلك ، والمراد بالشياطين ما يشمل شياطين الإنس . قوله : { فِي ٱلأَرْضِ } متعلق باستهوته . قوله : حال من الهاء ) أي في استهوته . قوله { لَهُ أَصْحَابٌ } جملة في محل نصب صفة لحيران قوله : ( والاستفهام الخ ) أي وهو قوله أندعوا ، والمعنى لا ينبغي غير الله بعد هدايته لنا ، لأن من عبد غير الله بعد إيمانه بالله ، كان كمثل من أخذته الشياطين فصار حيران لا يدري أين يتوجه ، مع كون أصحابه يدعونه إلى الطريق المستقيم فلا يجيبهم . قوله : { هُوَ ٱلْهُدَىٰ } أي التوفيق والاستقامة والجملة المعرفة الطرفين تفيد الحصر ، فهو بمعنى إن الدين عند الله الإسلام . قوله : { وَأُمِرْنَا } أي أمرنا الله بأن نسلم بمعنى نوحد وننقاد لرب العالمين . قوله : { وَأَنْ أَقِيمُواْ ٱلصَّلاةَ } قدر المفسر الباء إشارة إلى أنه معطوف على أن نسلم ، فهو داخل تحت الأمر أيضاً ، وفيه التفات من التكلم للخطاب ، وعطف التقوى عليه من عطف العام ، وخص الصلاة بعد الإسلام لأنها أعظم أركانه . قوله : { وَهُوَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } هذا دليل للأمر المتقدم وموجب لامتثاله ، والمعنى امتثلوا أوامره واجتنبوا نواهيه ، لأنكم تجمعون إليه ويحاسبكم . قوله : ( أي محقاً ) أشار بذلك إلى أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف حال ، أي حال كونه محقاً أي موصوفاً بالحقية وهو وجوب الوجود الذي لا يقبل الزوال ، ويحتمل أن يكون المعنى محقاً لا هازلاً ولا عابثاً ، بل خلقهما لحكم ومصالح لعباده ، ويؤيد هذا المعنى قوله تعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } [ الدخان : 38 ] . قوله : { يَوْمَ يَقُولُ } معمول محذوف قدره المفسر بقوله اذكر والواو للاستئناف . قوله : { يَقُولُ كُن } هذا كناية عن سرعة الإيجاد ، وهو تقريب للعقول ، وإلا فلا كاف ولا نون ، قال تعالى : { وَمَآ أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ } [ النحل : 77 ] . قوله : { فَيَكُونُ } كل من كن ويكون تام يكتفي بالمرفوع ، و ( هو ) ضمير يعود على جميع ما يخلقه الله . قوله : ( يقول للخلق ) أي جميعهم من مبدأ الدنيا إلى منتهاها ، من العالم العلوي والسفلي . قوله : { ٱلْحَقُّ } يصح أن يكون مبتدأ وخبراً أو مبتدأ ، والحق نعته خبره قوله يوم يقول . قوله : ( لا محالة ) أي لا بد من وقوعه وهو بفتح الميم مصدر ميمي ، وأما بضم الميم فمعناه الباطل ، وليس مراداً هنا . قوله : { يَوْمَ يُنفَخُ } إما ظرف لقوله : { وَلَهُ ٱلْمُلْكُ } وخص بذلك وإن كان الملك لله مطلقاً ، لأنه في ذلك الوقت لا يملك أحد شيئاً مما كان يملكه في الدنيا ، قال تعالى : { } أو خبر عن الملك والتقدير ينفخ في الصورة له أو بدل من يوم يقول . قوله : { فِي ٱلصُّورِ } هو نائب الفاعل . قوله : ( القرن ) أي المستطيل ، قال مجاهد : الصور قرن كهيئة البوق ، وفيه جميع الأرواح وفيه ثقب بعددها ، فإذا نفخ خرجت كل روح من ثقبة ووصلت لجسدها فتحله الحياة ، فالإحياء يحصل بإيجاد الله عند النفخ لا بالنفخ ، فهو سبب عادي . قوله : ( النفخة الثانية ) أي وأما الأولى فعندها يموت كل ذي روح . قال تعالى : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [ الزمر : 68 ] . قوله : ( وما غاب وما شوهد ) أي بالنسبة ، وإلا فالكل عند الله شهادة ولا يغيب عليه شيء ، بل ما في تخوم الأرضين والسماوات بالنسبة له كما على ظهرها سواء بسواء . قوله : { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْخَبِيرُ } كالدليل لما قبله .