Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 12-13)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ } الخ ، أي من أهل المدينة أو مكة أو غيرهن ، ولكن الآية نزلت في فتح مكة لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مبايعة الرجال . قول : { يُبَايِعْنَكَ } أي يعاهدنك ، وسماه مبايعة لأنه مقابلة شيء بشيء ، وهو الايمان وتوابعه ، في مقابلة الجنة والرضوان ، ويبايعن مبني على السكون لاتصاله بنون النسوة ، والكاف مفعول . قوله : { عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ } نهاهم في هذه المبايعة عن ستة أشياء ، ولم يقابلها بأوامر ، لأن النهي عن هذه ، يستلزم الأمر بضدها . قوله : { وَلاَ يَسْرِقْنَ } روي أنه لما قال النبي لهن ذلك ، قالت هند امرأة أبي سفيان : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح ، فهل علي حرج إذا أخذت ما يكفيني وولدي ؟ قال : لا ، إلا بالمعروف ، فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها فتضيع ، أو تأخذ فتكون ناقصة للبيعة ، فلذلك أمرها بالمعروف في الأخذ ، ومحل جواز الأخذ بغير إذن ، إذا كان غير محجور ، وأما إذا كان حجره بقفل ونحوه فيحرم الأخذ ، وإن أخذت تعد سارقة وتقطع يدها ، فلما قال رسول الله { وَلاَ يَزْنِينَ } قالت هند : أو تزن الحرة ؟ فلما قال { وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } قالت : ربيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً ، وعرضت بولدها حنظلة فإنه قتل يوم بدر ، فضحك عمر ، وتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قال { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ } قالت : والله إن البهتان لقبيح ، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ، وكانت هذه البيعة في مكة عند الصفا ، فاجتمع له من النسوة أربعمائة وسبع وخمسون امرأة فآمنّ . قوله : ( من وأد البنات ) أي دفنهن أحياء . قوله : ( أي بولد ملقوط ) أي فكانت المرأة إذا خافت مفارقة زوجها لعدم الحمل ، التقطعت ولداً ونسبته له ليبقيها عنده ، فأشار المفسر بقوله : ( أي بولد ) إلى أن المراد بالبهتان المفترى ، وليس المراد الزنا ، لتقدمه في النهي صريحاً . قوله : ( كترك النياحة ) أي فالمراد بالمعروف ، وهو ما عرف حسنه في الشرع ، وهو اسم جامع لكل خير . قوله : { فَبَايِعْهُنَّ } جواب { إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ } أي التزم لهن الثواب إذا التزمن ذلك . قوله : ( بالقول ) هذا هو الصحيح ، وقيل : إنه صافحهن بحائل لما روي : أنه بايع النساء وبين يديه وأيديهن ثوب ، وقالت أم عطية : لما قدم المدينة ، جمع نساء الأنصار في بيت ، ثم ارسل إلينا عمر بن الخطاب على الباب ، فسلم فرددن عليه السلام ، فقال : أنا رسول الله إليكن أن لا تشركن بالله شيئاً الآية ، فقلن : نعم ، فمد يده من خارج البيت ، ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال : اللهم اشهد . قوله : { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ } أي مما سلف منهن . قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الخ ، ختم السورة بمثل ما افتتحها به ، وهو النهي عن موالاة الكفار ، وهذا من البلاغة ، ويقال له : رد العجز على الصدر . قوله : { غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } نعت لقوماً ، وقوله : { قَدْ يَئِسُواْ } نعت ثان . قوله : ( هم اليهود ) أشار المفسر بذلك إلى سبب نزول الآية ، وهو أن ناساً من فقراء المسلمين ، كانوا يوصلون اليهود بأخبار المسلمين ، ليعطوهم من ثمارهم ، فنزلت ، وقيل : المراد بالمغضوب عليهم جميع الكفار . قوله : ( لعنادهم ) علة ليأسهم مع أيقانهم بها ، فلا حظ لهم فيها ولا ثواب . قوله : { مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } مشى المفسر على أن قوله : { مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } صفة للكفار ، والميؤوس منه محذوف قدره بقوله : ( من خير الآخرة ) أي أن اليهود يئسوا من الآخرة ، كيأس الكفار الذين قبروا من خير الآخرة ، وقيل : إن قوله : { مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } هو الميؤوس منه ، المعنى أن اليهود أيسوا من الآخرة ، كيأسهم من أصحاب القبور ، لأنهم ينكرون البعث ، وقيل : كما يئس الكفار المقهورون من رجوعهم إلى الدنيا ، احتمالات ثلاث . قوله : ( إذا تعرض عليهم ) أي وهم في القبور . قوله : ( لو كانوا آمنوا ) أي قبل الموت . قوله : ( وما يصيرون إليه ) معطوف على ( مقاعدهم ) أي ويعرض عليهم ما يصيرون إليه من النار .