Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 143-144)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا } قال أهل التفسير : لما جاء موسى لميقات ربه ، تطهر طهر ثيابه وصام ، ثم أتى طور سيناء ، فأنزل الله ظلة غشيت الجبل على أربع فراسخ من كل ناحية ، وطرد عنه الشيطان وهو أم الأرض ، ونحى عنه المكلفين ، وكشط له السماء ، فرأى الملائكة قياماً في الهواء ، ورأى العرش بارزاً ، وأدناه ربه حتى سمع صريف الأقلام على الألواح وكلمه وكان جبريل معه ، فلم يسمع ذلك الكلام ، فاستحلى موسى كلام ربه ، فاشتاق إلى رؤيته ، فقال : { رَبِّ أَرِنِيۤ } الخ . قوله : ( أي للوقت ) أي وكان يوم الخميس يوم عرفة ، فكلمه الله فيه وأعطاه التوراة صبيحة يوم الجمعة يوم النحر . قوله : { وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } أي أزال الحجاب عنه ، حتى سمع كلامه بجميع أجزائه من جميع جهاته ، لا أن الله أنشأ له الكلام ، لأن الله سبحانه تعالى دائماً متكلم يستحيل عليه السكوت والآفة ، ولم يصل لنا معنى ما فهمه موسى من تلك المكالمة . قوله : { قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ } لما سمع الكلام هام واشتاق إلى رؤية الذات ، فسأل الله أن يزيل عنه حجاب البصر ، كما أزال الله عنه حجاب السمع ، إذ لا فرق بين الحاستين ، فقد سأل جائزاً لأن كل من جاز سماع كلامه جازت رؤية ذاته . قوله : ( نفسك ) قدره إشارة إلى أن مفعول أرني محذوف . قوله : { أَنظُرْ إِلَيْكَ } جواب الشرط ، ولا يقال إن الشرط قد اتحد مع الجواب ، لأن المعنى هيئني لرؤيتك زمكني منها ، فإن تفعل بي ذلك أنظر إليك . قوله : { لَن تَرَانِي } أي لا طاقة لك على رؤيتي في الدنيا ، وهذا لا يقتضي أنها مستحيلة عقلاً ، وإلا لما علقت على جائز وهو استقرار الجبل . قوله : { وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ } هذا من تنزلات الحق لموسى ، وتسلية له على ما فاته من الرؤية ، وهذا الجبل كان أعظم الجبال واسمه زبير . قوله : ( الذي هو أقوى منك ) أي فحجبه عن الرؤية رحمة به ، لعدم طاقة الجبل على ذلك فضلاً عن موسى . قوله : ( أي ظهر من نوره ) أي نور جلال عرشه ، وفي رواية أمر الله الملائكة السماوات السبع بحمل عرشه ، فلما بدا نور عرشه ، انصدع الجبل من عظمة الرب سبحانه وتعالى . قوله : ( نصف أنملة الخنصر ) في رواية منخر الثور ، وفي رواية قدر سم الخياط ، وفي رواية قدر الدرهم . قوله : ( بالقصر والمد ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( مستويا بالأرض ) أي بعد أن كان علياً مرتفعاً ، وقيل تفرق ستة أجبل ، فوقع ثلاثة بالمدينة وهي أحد وورقان ورضوى ، وثلاث بمكة : ثبير وثور وحراء . قوله : { وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } أي سقط مغشياً عليه ذاهباً عن حواسه ، ولذا لا يصعق عند النفحة . قوله : { فَلَمَّآ أَفَاقَ } أي برد حواسه . قوله : ( من سؤال ما لم أؤمر به ) أي وليس المراد طلب الرؤية معصية ، وإنما هو من باب حسنات الأبرار سيئات المقربين . قوله : ( في زماني ) دفع بذلك ما يقال : إن قبله من المؤمنين كثيراً من الأنبياء والأمم ، وفي القصة أن موسى عليه السلام ، كان بعدما رجع من المكالمة ، لا يستطيع أحد أن ينظر إليه لما غشي وجهه من النور ، ولم يزل على وجهه برقع حتى مات ، وقالت له زوجته أنا لم أرك منذ كلمك ربك ، فكشف لها عن وجهه ، فأخذها مثل شعاع الشمس ، فوضعت يدها على وجهها وخرجت ساجدة ، وقالت : ادع الله أن يجعلني زوجتك في الجنة ، قال ذلك لك إن لم تتزوجي بعدي ، فإن المرأة لآخر أزواجها ، ورد أيضاً أنه مكث زمناً طويلاً كلما سمع كلام الناس تقايأ . قوله : { قَالَ يٰمُوسَىٰ } هذا تسلية على ما قاله من الرؤية . قوله : ( أهل زمانك ) دفع بذلك ما يقال : إن من جملة الناس سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وإبراهيم الخليل ، فيقتضي أنه مختار عليهما ، فأجاب : بأن المراد بالناس أهل زمانه أنبياء أو غيرهم ، ولذلك كانت أنبياء بني إسرائيل يتعبدون بالتوراة . قوله : ( بالجمع ) أي باعتبار تعدد الأحكام الموحى بها . قوله : ( والأفراد ) أي مراداً بها المعنى المصدري أي إرسالي ، وهما قراءتان سبعيتان . قوله : { وَبِكَلاَمِي } اسم مصدر بمعنى التكليم ، أي تكليمي إياك مباشرة بلا واسطة ، ويصح أن يراد بالكلام التوراة ، كما يقال للقرآن كلام الله ، يقال للتوراة أيضاً كلام الله ، لأنها أفضل كتاب أنزل من السماء بعد القرآن . قوله : ( لأنعمي ) جمع نعمة ويجمع أيضاً على نعم .