Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 27-30)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ } لما ذكرهم نعمة اللباس ، نبههم على أن الشيطان حسود وعدو لهم ، كما أنه عدو لأبيهم . قوله : { لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } وهو نهي له صورة ، وفي الحقيقة نهي لبني آدم عن الإصغاء لفتنته واتباعه ، فليس المراد النهي عن تسلطه ، إذ لا قدرة لمخلوق على منع ذلك ، لأنه قضاء مبرم ، بل المراد النهي عن الميل إليه ، وإلى ذلك أشار المفسر بقوله : ( أي لا تتبعوه فتفتنوا ) . قوله : { كَمَآ أَخْرَجَ } الكاف بمعنى مثل صفة لمصدر محذوف ، وما مصدرية تسبك مع ما بعدها بمصدر ، والتقدير فتنة مثل فتنة إخراج أبويكم ، والجامع بينهما زوال النعم في كل . قوله : { أَبَوَيْكُمْ } أي آدم وحواء . قوله : ( بفتنته ) الباء سببية . قوله : ( حال ) أي من { أَبَوَيْكُمْ } أو من ضمير { أَخْرَجَ } وكل صحيح ، فإن الجملة مشتملة على ضمير الأبوين وعلى ضمير الشيطان ، وإسناد النزع إليه باعتبار كونه سبباً فيه ، والنزع أخذ الشيء بسرعة وقوة ، ومنه قوله تعالى : { } ، وفيه إشارة إلى أن من اتبع الشيطان ، تزول نعمة بسرعة وقوة . وأتى بالمضارع حكاية للحال الماضية استحضاراً للصورة العجيبة . قوله : { إِنَّهُ يَرَاكُمْ } تعليل للتحرز من الشيطان اللازم للنهي ، كأنه قيل : فاحذروه لأنه يراكم الخ . قوله : { وَقَبِيلُهُ } معطوف على الضمير المتصل في { يَرَاكُمْ } وأتى بالضمير المنفصل ، وإن كان قد حصل الفصل بالكاف زيادة في الفصاحة ، والقبيل اسم لما اجتمع من شتات الخلق ، ولذلك فسره بالجنود ، والقبيلة الجماعة من أب واحد . قوله : { مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ } { مِنْ } ابتدائية ، و { حَيْثُ } ظرف مكان ، التقدير إنه يراكم رؤية مبتدأة من مكان لا ترونهم فيه . قوله : ( للطافة أجسادهم ) فأجسامهم كالهواء ، نعلمه ونتحققه ولا نراه للطافته وعدم تلونه ، هذا وجه عدم رؤيتنا لهم . وأما وجه رؤيتهم لنا فكثافة أجسادنا وتلوننا ، وأما رؤية بعضهم لبعض فحاصلة لقوة في أبصارهم . وهذا حيث كانوا بصورتهم الأصلية ، وأما إذا تصوروا بغيرها فتراهم ، لأن الله جعل لهم قدرة على التشكيل بالصورة الجميلة أو الخسيسة ، وتحكم عليهم الصورة كما في الأحاديث الصحيحة . فالآية ليست على عمومها والفرق بينهم وبين الملائكة ، أن الملائكة لا يتشكلون إلا في الصورة الجميلة ولا تحكم عليهم بخلاف الجن وقد ورد أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ، وجعلت صدر بني آدم مساكن لهم ، إلا من عصمه الله ، كما قال تعالى : { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } [ الناس : 5 ] فهم يرون بني آدم ، وبنو آدم لا يرونهم . قال مجاهد : قال إبليس جعل لنا أربع نرى ولا نرى ، ونخرج من تحت الثرى ، ويعود شيخنا شاباً . وقال مالك ابن دينار : إن عدواً يراك ولا تراه لشديد المجاهدة ، إلا من عصمه الله . قوله : { إِنَّا جَعَلْنَا ٱلشَّيَاطِينَ أَوْلِيَآءَ } أي صيرناهم أعواناً لغير المؤمنين ومكناهم من إغوائهم . فتحرزوا منهم . قوله : { وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } هذه الآية نزلت في كفار مكة ، كانوا يطوفون عراة رجالهم بالنهار ، ونساؤهم بالليل ، فكان أحدهم إذا قدم حاجاً أ معتمراً يقول : لا ينبغي أن أطوف في ثوب قد عصيت فيه ربي ، فيقول من يعيرني إزاراً . فإن وجد وإلا طاف عرياناً ، وإذا فرض وطاف في ثيابه نفسه ، ألقاها إذا قضى طوافه وحرمها على نفسه . قوله : { قَالُواْ وَجَدْنَا } الخ أي محتجين بهذين الأمرين : تقليد الآباء ، والافتراء على الله . قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ } أي رد لمقالتهم الثانية ، وترك الأولى لوضوح فسادها . قوله : { أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي لأنكم لم تسمعوه مشافهة ، ولم تأخذوه عن الأنبياء الذين هم وسائط بين الله وخلقه . قوله : ( استفهام إنكاري ) أي وتوبيخ وفيه معنى النهي . قوله : ( معطوف على معنى بالقسط ) دفع بذلك ما يقال إن قوله : { أَمَرَ رَبِّي بِٱلْقِسْطِ } خبر . وقوله : { وَأَقِيمُواْ } إنشاء ولا يصح عطف الإنشاء على الخبر . فأجاب بجوابين : الأول أن أقيموا معطوف على المعنى ، والتقدير قال أقسطوا وأقيموا . الثاني أن الكلام فيه حذف ، والتقدير قل أمر ربي بالقسط فاقبلوا وأقيموا . قوله : ( أي أخلصوا له سجودكم ) أي صلاتكم ، ففيه تسمية الكل باسم أشرف أجزائه ، لأن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد . قوله : { وَٱدْعُوهُ } عطف عام . قوله : { كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ } كلام مستأنف مسوق للرد على منكري البعث أن يعيدكم أحياء بالأرواح والأجساد بعينها . قوله : { فَرِيقاً هَدَىٰ } فريقاً معمول لهدى ، وفريقاً الثاني معمول لمقدر من قبيل الاشتغال موافق في المعنى ، والتقدير وأضل فريقاً حق عليهم الضلالة ، أي ثبت في الأزل ضلالهم . قوله : { إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُوا } علة لقوله : { حَقَّ عَلَيْهِمُ } قوله : { وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ } أي يظنون أنهم على هدى ، والحال أنه ليسوا كذلك .