Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 81, Ayat: 1-14)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ } الخ ، الأرجح عند جمهور النحاة ، أن الاسم المرفوع الواقع بعد { إِذَا } الشرطية ، مرفوع بفعل محذوف يفسره المذكور ، ويمنع أن يكون مرفوعاً بالابتداء ، لأن أدوات الشرط لا يليها إلا الأفعال لفظاً أو تقديراً ، وأجاز الأخفش والكوفيون ايلاءها الاسم ، فيرفع الاسم مبتدأ ، وما بعده خبره ، و { وَإِذَا } في المواضع الاثنى عشر شرطية ، جوابها قوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ } ولا يجوز الوقف اختياراً قبل الجواب . قوله : ( لففت ) المناسب أن يقول لفت ، والمعنى : لف بعضها ببعض ، ورمي بها في البحر ، ثم يرسل الله عليها ريحاً دبوراً فتضربها فتصير ناراً . قوله : ( بنورها ) أي ضوئها . قوله : { سُيِّرَتْ } أي في الهواء بعد تفتيتها . قوله : ( فاصرت هباء ) أي بعد صيرورتها كالصوف المندوف ، فأولاً تتفتت ثم تصير كالصوف المندوف . قوله : { وَإِذَا ٱلْعِشَارُ } جمع عشراء ، كالنفاس جمع نفساء ، وهي التي أتى على حملها عشرة أشهر إلى أن تضع ، وخصها بالذكر لأنها أغلى ما يكون عند أهلها ، وأنفس أموالهم ، لما ورد " أنه صلى الله عليه وسلم مر في أصاحبه بعشار من النوق ، فغض بصره فقيل له : هيه أنفس أموالنا ، فلم لا تنتظر إليها ، فقال : قد نهاني الله عن ذلك ثم تلا { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } الآية " وإذا كان هذا حالهم مع أنفس أموالهم ، فحالهم مع غيره أولى ، وإلى هذا يشير المفسر بقوله : ( ولم يكن أعجب إليهم منها ) . قوله : ( تركت بلا راع ) أي مهملة ، وقوله : ( أو بلا حلب ) بفتح اللام مصدر حلب يحلب بالضم ، ويقال بالسكون من باب قتل . قوله : { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ } أي دواب البر ، وقوله : ( جمعت ) أي من ناحية . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) أي فهما قراءتان سبعيتان . قوله : ( أوقدت فصارت ناراً ) هذا أحد أقوال ي تفسير التسجير ، وقيل : سجرت ملئت من الماء ، وقيل : اختلط عذبها بمالها حتى صارت بحراً واحداً ، وقيل : يبست ، ويمكن الجمع بين تلك الأقوال ، فأولاً يفيض بعضها لبعض ثم تيبس ثم تقلب ناراً ، ثم ما تقدم من الآيات الست ، يجوز أن يكون مقدمة للنفخة الأولى ، فالأحياء يشاهدون ذلك ، لما روي عن أبي بن كعب قال : ست آيات من قبل يوم القيامة ، بينما الناس في أسواقهم ، ذهب ضوء الشمس وبدت النجوم ، فتحيروا ودهشوا ، فبينما هم كذلك ، إذا وقعت الجبال على وجه الأرض ، فتحركت واضطربت واحترقت فصارت هباء منثوراً ، ففزع الإنس إلى الجن ، والجن إلى الإنس ، واختلطت الدواب والوحوش والهوام والطير ، وماج بعضها في بعض ، فذلك قوله تعالى : { وَإِذَا ٱلْوُحُوشُ حُشِرَتْ } ثم قالت الجن للإنس : نحن نأتيك بالخبر ، فانطلقوا إلى البحار ، فإذا نار تتأجج ، فبينما هم كذلك ، انصدقت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى ، وإلى السماء السابعة العليا ، فبينما هم كذلك ، إذ جاءتهم ريح فأماتتهم ، ويجوز أن يكون في النفخة الثانية ، ويقال في تعطيل العشار ، يحتمل أنه كناية عن شدة الهول ، حتى لا يلتفت الشخص إلى أنفس أمواله ، أو تبعث معطلة بلا راع ، ولا يلتفت لها صاحبها ، لأن البهائم تحشر للقصاص من بعضها البعض ، وأما الست الباقية فتحصل بالنفخة الثانية اتفاقاً . قوله : ( قرنت بأجسادها ) أي ردت الأرواح إلى أجسادها ، فالتزويج على هذا جعل الشيء زوجاً ، النفوس بمنى الأرواح ، وقيل : قرن كل امرئ بشيعته فاليهود يضم لليهود ، والنصراني للنصارى ، وهكذا ، وقيل : قرن الرجل الصالح بالرجل الصالح في الجنة ، والرجل السوء بالرجل السوء في النار ، وقيل : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت الكفار بالشياطين ، وكذلك المنافقون ، وفي الحقيقة يحصل كل . قوله : ( الجارية ) المراد بها مطلق الأنثى ، وقوله : ( والحاجة ) أي الفقر ، فكان الرجل في الجاهلية ، إذا ولدت له بنت فأراد أن يستحييها ، ألبسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية ، وإذا أراد قتلها تركها ، حتى إذا كانت بنت ست سنين يقول لأمها ، طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى احمائها ، وقد حفر لها بئراً في الصحراء ، فيذهب بها إلى البئر فيقول لها : انظري فيها ، ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى تستوي بالأرض . وقال ابن عباس : كانت الحامل إذا قربت ولادتها ، حفرت حفرة فمتخضت على رأس تلك الحفرة ، فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة ، وإذا ولدت ولداً أبقته . قوله : ( تبكيتاً لقائلها ) جواب عما يقال : ما معنى سؤال المؤودة ، مع أن مقتضى الظاهر سؤال القاتل عن قتله إياها ، فأجاب : بأن سؤالها هي لافتضاح القاتل وتبيكته ، ولا يلزم من السؤال تعذيب القاتل ، لأنه يقال : إن كان القاتل من أهل الفترة فلا يعذب ، وإنما يرضي الله المقتولة بإحسانه ، وأن كان ممن بلغته الدعوة ، فهو آثم يعذب على القتل إن لم يغفر له الله تعالى . قوله : ( وقرئ بكسر التاء ) أي الثانية على أنها تاء المؤنثة المخاطبة ، والفعل مبني للمفعول ، وهذه القراءة شاذة ، وقرئ شذوذاً أيضاً ببناء سئل للفاعل ، مع قتلت بضم التاء للمتكلم ، وبسكونها على التأنيث ، فالقراءات الشاذة ثلاث . قوله : ( صحف الأعمال ) أي فإنها تطوى عند الموت ، وتنشر عند الحساب . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) سبعيتان . قوله : ( فتحت وبسطت ) أي بعد أن كانت مطوية . قوله : ( نزعت عن أماكنها ) أي أزيلت عنه ، فالكشط القلع عن شدة التزلق والقشط لغة فيه ، وبها قرئ شذوذاً ، فالسماء تنزع من أماكنها ، كما ينزع الغطاء عن الشيء ، وقيل : تطوى كما يطوى السجل . قوله : ( بالتخفيف والتشديد ) أي فهما سبعيتان . قوله : ( أججت ) أي أوقدت للكفار . قوله : ( قربت لأهلها ليدخولها ) أي هيئت وأحضرت لهم وسهل طريقها ، لا أنها تزول عن موضعها . قوله : ( أول السورة ) أي الواقعة في أولها ، وقوله : ( وما عطف عليها ) أي وهو أحد عشر . قوله : { عَلِمَتْ نَفْسٌ } إن قلت : إن النفس نكرة في سياق الإثبات وهي لا تعم . أجيب بجوابين ، الأول : أن العموم استفيد من قرينة المقام والسياق ، الثاني : أن وقوعها في سياق الشرط ، كوقوعها في سياق النفي فتعم أيضاً ، ومعنى العلم بما أحضرته ، أنها تشاهد أعمالها مكتوبة في الصحف .