Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 30-32)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ } إلخ ، هذا من تفصيل عدم إيمانهم بالله واليوم الآخر ، و { عُزَيْرٌ } بالصرف وعدمه قراءتان سبعيتان ، فالصرف على أنه عربي فلم توجد فيه إلا علة واحدة ، وعدمه على أنه أعجمي ففيه العلتان و { ٱبْنُ } خبر عزير فيرسم بالألف لأنه ليس بصفة للعلم ، وسبب تلك المقالة على ما قاله ابن عباس ، أن عزيراً كان فيهم ، وكانت التوراة عندهم ، والتابوت فيهم ، فأضاعوا التوراة وعملوا بغير الحق ، فرفع الله عنهم التابوت ، وأنساهم التوراة ، ومسحها من صدورهم ، فدعا الله عزير وابتهل إليه أن يرد إليه التوراة ، فبينما هو يصلي مبتهلاً إلى الله نزل نور من السماء فدخل جوفه فعادت إليه ، فأذن في قومه وقال : يا قوم ، قد آتاني الله التوراة وردها علي ، فعلقوا به يعلمهم ، ثم مكثوا ما شاء الله ، ثم إن التابوت نزل بعد ذهابه منهم ، فلما رأوا التابوت ، عرضوا ما كان يعلمهم عزير على ما في التابوت فوجدوه مثله ، فقالوا : ما أوتي عزير هذا ، إلا لأنه ابن الله . قوله : { وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } المسيح لقب له ، إما لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برىء ، أو لأنه ممسوح بالبركة ، وسبب مقالتهم ، أنهم كانوا على الدين الحق ، بعد رفع عيسى عليه السلام إحدى وثمانين سنة ، يصلون إلى القبلة ويصومون ، حتى وقع بينهم وبين اليهود حرب ، وكان في اليهود رجل شجاع يقال له بولص ، قتل جماعة من أصحاب عيسى عليه السلام ، ثم قال بولص لليهود : إن كان الحق مع عيسى ، فقد كفرنا والنار مصيرنا ، فنحن مغبونون إن دخلنا النار ودخلوا الجنة ، فإني سأحتال وأضله حتى يدخلوا النار معنا ، ثم إنه عمد إلى فرس كان يقاتل عليه ، فعرقبه وأظهر الندامة والتوبة ووضع التراب على رأسه ، ثم إنه أتى إلى النصارى فقالوا له : من أنت ؟ قال : أنا عدوكم بولص ، قد نوديت من السماء ، أنه ليست لك توبة حتى تتنصر ، وقد تبت وأتيتكم ، فأدخلوه الكنيسة ونصروه ، ودخل بيتنا فيها ، فلم يخرج منه سنة حتى تعلم الإنجيل ، ثم خرج وقال : قد نوديت أن الله قد قبل توبتك ، فصدقوه وأحبوه وعلا شأنه فيهم ، ثم إنه عهد إلى ثلاثة رجال ، اسم واحد نسطورا ، والآخر يعقوب والآخر ملكان ، فعلم نسطورا أن عيسى ومريم آلهة ثلاثة ، وعلم يعقوب أن عيسى ليس بإنسان , انه ابن الله ، وعلم ملكان أن عيسى هو الله لم يزل ، فلما تمكن ذلك فيهم ، دعا كل واحد منهم في الخلوة وقال له : أنت خالصتي ، وادع الناس لما علمتك ، وأمره أن يذهب إلى ناحية من البلاد ، ثم قال لهم : إني رأيت عيسى في المنام وقد رضي عني ، وقال لكل واحد إني سأذبح نفسي تقرباً إلى عيسى ، ثم ذهب إلى المذبح فذبح نفسه ، وتفرق أولئك الثلاثة ، فذهب واحد إلى الروم ، وواحد إلى بيت المقدس ، والآخر إلى ناحية أخرى ، وأظهر كل واحد منهم مقالته ، ودعا الناس إليها ، فتبعه على ذلك طوائف من الناس ، فتفرقوا واختلفوا . قوله : { بِأَفْوَاهِهِمْ } من المعلوم أن القول لا يكون إلا بالأفواه ، فذكرها مبالغة في الرد عليهم ، قوله : { يُضَاهِئُونَ } بضم الهاء بعدها واو ، وبكسر الهاء بعدها همزة مضمومة ، ثم واو ، قراءتان سبعيتان . قوله : { قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ } أي أبعدهم عن رحمته ، فهو دعاء عليهم . قوله : { أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } استفهام تعجب ، والاستفهام رجع إلى الخلق ، لأن الله يستحيل عليه التعجب . قوله : { ٱتَّخَذُوۤاْ } أي اليهود والنصارى . قوله : { أَحْبَارَهُمْ } جمع حبر بالفتح والكسر ، والثاني أفصح ، العالم الماهر . قوله : ( حيث اتبعوهم ) أشار بذلك إلى أنهم لم يتخذهم أرباباً حقيقة ، بل المعنى كالأرباب في شدة امتثالهم أمرهم . قوله : { وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ } بالنصب على عطف على { أَحْبَارَهُمْ } والمفعول الثاني محذوف لدلالة ما قبله عليه تقديره ربا . قوله : { وَمَآ أُمِرُوۤاْ } إلخ ، الجملة حالية . قوله : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } صفة ثانية لإلهاً . قوله : ( شرعه وبراهينه ) أي الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم ، وهي ثلاثة أمور : أحدها المعجزات الظاهرات ، ثانيها القرآن العظيم ، ثالثها كون دينه الذي أمر باتباعه ، وهو دين الإسلام ، ليس فيه شيء سوى تعظيم الله والانقياد لأمره ونهيه ، والتبري من كل معبود سواه ، فهذه أمور نيرة واضحة في صحة نبوته صلى الله عليه وسلم ، فمن أراد إبطال ذلك فقد خاب سعيه . قوله : { إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ } أي يعليه ويرفع شأنه . قوله : { وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَٰفِرُونَ } شرط حذف جوابه لدلالة ما قبله عليه ، والتقدير : ولو كره الكافرون إتمامه لأتمه ولم يبال بهم .