Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أيها [ الغافل ] قول الخليل الذي يأمرك بطاعة ربك وينهاك عن مخالفته ، وعن الاشتغال بالشهوات العاجلة الفانية الصارفة لك عن اللذات الآجلة الباقية ، أما تسمع ما يقول الله تعالى : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } [ الهمزة : 1 ] ؛ والهمزة هي القوى النفسية الحسودة المرائية التي تعيبك في غيبك ، وإذا وجدت خلاً مع الشيطان طففت في معائب القوى القلبية ، واللمزة هي القوى النفسية الوقيحة التي تعيبك في وجهك وتقابل خاطرك القلبي بالمكابرة والمجادلة ، فاجتهد حتى تشاهد الهمزة واللمزة اللتين هما من قوى نفسك لتشتغل بدفعها ، وهما جمعتا الاستعدادات القالبية والقوى الطبيعية وظنا أنهما خالدات معها ، وما عرفنا أن تلك الاستعدادات في الحقيقة مثل الحطب لهما عند اشتعال نيران حطمة نفسها بنار الله الموقدة في صدرها المطلعة أفئدتها ؛ أي : على حقيقتها ، كما يقول تعالى : { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلاَّ لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } [ الهمزة : 2 - 5 ] ، الحطمة ما جمع الرجل من الحطام وهي مثل الحطب ، { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ * ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } [ الهمزة : 6 - 8 ] ؛ أي : تلك النار عليهم مطبقة طبقاً فوق طبق { فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ } [ الهمزة : 9 ] ؛ يعني : لإطباقها أوتاد معلقة على صاحبها ، ممددة إلى قعر الدركات القالبية . فأشفق على نفسك أيها السالك وادفع شر الهمزة واللمزة عن نفسك اليوم ، وأطفئ { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } [ الهمزة : 6 ] بذكر الله تعالى ، ولا تحسب أن { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } [ الهمزة : 6 ] مختصة بك لا بل عامة ، ولكن من يجمع الحطب الرطب الحظوظي يحرق الحطب ويظلم على صاحب البيت بالدخان الحاصل من رطوبة الحظوظ الهووتية ، ومن يجمع العود اليابس القماري يحرق العود ويتنور البيت بنار المحبة ، ويملأ دماغ السالك من روائح المعرفة ، فالجامع أنت ووقت الجمع يومك ، فانظر ما تجمع . اللهم وفقنا لجمع العود ، وهو الطاعة والعبادة ، فالمدخرة نار المحبة ورائحة المعرفة .