Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يا متفرق الخاطر من غلبة الخواطر الذميمة الطبيعية المستمدة من القوى القالبية والنفسية ، لا تحزن إن الله معك ، فكما ينصرك على أصحاب الفيل سيجمع لك خاطرك ويؤلفك بإلفك وهو خاطر قلبك ، { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } [ قريش : 1 ] وهو خاطر جزم صدر { إِيلاَفِهِمْ } [ قريش : 2 ] فهم بعد تفرقهم في براري النفس وبوادي القلب . { رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } [ قريش : 2 ] ، وهي حالة القبض والبسط ، { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } [ قريش : 3 ] ، وهو الحق الذي كان في ذكر الله يسمونه أهل الطريقة سلطان الذكر ؛ لأنه يربي القلب في هذا الطور وأطعم القوى القالبية من جوع يحصل لها في الرياضة والمجاهدة بترك مشتهياتها وصرفها عن الاشتغال بملاذها العاجلة وحظوظها الشهوانية طعام الغيب ، وآمن القوى النفسانية الجائعة من الأسر والقتل والعزل بملاطفات لاطفها سلطان الذكر ، وإبقاء كل قوى من قواها في مملكة الوجود فأعمالها المشتغلة بها بالحق للحق عارياً عن الباطل ، خالياً من الحظ العاجل ، طالباً حظ الآجل ، فالواجب على العامل في هذا المنزل ألا يأكل ولا يشرب ولا ينام ولا يستريح إلا لبقاء قوة خفية بها يمكن الاشتغال بطاعة الله تعالى لأجل الثواب المدخر في العقبى . فأما السادة من أصحاب الهمم العالية تركوا كما تركوا أصحاب اليمين الدنيا لأجل العقبى ، أما سمعت ما قال سيد الطريقة : الدنيا حرام على أهل الآخرة ، والآخرة حرام على أهل الدنيا ، وهما حرامان على أهل الله ، وهذه الإشارة مستنبطة من كلام الله تعالى حيث يقول : { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } [ آل عمران : 152 ] ، وفي آية أخرى : { يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [ الكهف : 28 ] ، فقد أثبت للمريدين ثلاث إيرادات : إرادة الدنيا ، وإرادة الآخرة ، وإرادة الوجه الأعلى ، فكن عالي الهمة أيها السالك لتصل إلى مالك المماليك . اللهم اجعلنا مريدين لوجهك من غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة .