Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 111, Ayat: 1-5)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يا أيها الحريص على أطراف كعبة قلبك ، اعلم أن أبا لهب نفسك أمر مرآة هواه ليجمع العصاة بين الحطب ، ويفرق حول كعبة قلبك المبينة في حرم صدرك ليتخرج في قدم همتك ويمنعك عن الطواف بكعبة قلبك ، أما تسمع ما يقول أبو لهب نفسك حين ناداه لطيفتك الخفية ليبلغ إليه ما أوحيه للطيفتك تبارك ، تباً لك ألهذا وعدتنا وأبى دعوة الحق ؟ ! فكيف أجاب الله له على لسان لطيفتك ؟ ! { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] ، أو هلكت قوتا القبض والبسط لنفسك الخبيثة المستعملة لهما في الباطل ، { وَتَبَّ } [ المسد : 1 ] ؛ أي : أجاب هذا الدعاء ؛ لأن يداه لا تصل إلى اللطيفة الخفية ، وهي يجمع لنفسه الحطب ليحترق به بتلهب من سوأة نيران حسده وحقده ، وكان أبو لهب ؛ أي : صاحب لهب في سعير نفسه وجحيم قالبه ، ولا شك أن الألقاب تنزل من السماء . { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ } [ المسد : 2 ] وهو ماله من القوى القالبية ، { وَمَا كَسَبَ } [ المسد : 2 ] في عالم الناسوت بتلك القوى الذميمة عن اللقب الذي نزل معه من السماء ، { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } [ المسد : 3 ] ؛ لأنه جمع الحطب بالقوى القالبية والنفسية ، وأشعل نيران الحقد والحسد ، وسير نفسه وجحيم قالبه ذات لهب من ريح غروره بنور ناره وعجبه بنفسه ، وبكرة على القوى القلبية . { وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } [ المسد : 4 ] ؛ أي : هوى المؤدي الذي به يمكن لأبي لهب النفس أن يحمل الحطب من أشجار أم غيلان هلاكه في صحاري الشيطان ، { فِي جِيدِهَا } [ المسد : 5 ] ؛ أي : في أصل خاطر الهوى ، { حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } [ المسد : 5 ] وأصل خاطر الكبر ، وأبى الشيطان أمر الرحمن كان من استكباره ، كما قال تعالى : { أَبَىٰ وَٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَٰفِرِينَ } [ البقرة : 34 ] ، ودعوى الهوى بالألهية أيضاً كان من غاية تكبره ؛ أي : في عتق كبره الذي به تطاول على اللطائف حبل من ذلة ، وهو تمنيها الكاذب الذي يجرها إلى أسفل سافلين دركات الطبيعة ، ولأجل هذا يكون دائماً منكس الرأس ، كما أخبر الله تعالى عن أحوالهم في كتابه حيث قال : { نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ } [ السجدة : 12 ] ، فالواجب على الطائف حول الكعبة ألاَّ يلتفت إلى هو نفسه لحظ نفسه ؛ ليمكن له الدخول في بيت ربه ومشاهدة وجهه إن شاء الله تعالى . اللهم خلصني من هوى نفسي ، وأدخلني كعبة قلبي ، وأقرر عيني بمشاهدة جمال ربي بحق محمد صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه ، وعلى من اتبع الهدى وترك الهوى في متابعة المصطفى .