Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 37-38)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا } [ يوسف : 37 ] يعني : قال الذين يعبدون الله على الرؤية والمشاهدة بقلوب حاضرة عند مولاهم { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [ القيامة : 22 - 23 ] ، فكل حكم صدر من تلك الحضرة فهم شاهدوه في الغيب قبل نزوله إلى عالم الشهادة ، فكساه القوة المتحلية عند عبوره عليها كسوة خيالية تناسب معناه ، تصاحب الرؤيا إن كان عالماً بلسان الخيال فيعتبره وإلا يعرضه على المعبر ليكون ترجماً فأله ، فيترجم له لسان الخيال ويخبره عن الحكم الصدر عن الحضرة الإلهية ، فلهذا كانت الرؤيا الصالحة جزءاً من أجزاء النبوة ؛ لأنه نوع من الوحي الصادر من الله ، وتأويل الرؤيا جزءاً أيضاً من أجزاء النبوة ؛ لأنه علم لدني يعلمه من يشاء من عباده كما قال يوسف عليه السلام : { ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيۤ } ثم قال : { إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [ يوسف : 37 ] يعني : تركت هذه الملة ، { عَلَّمَنِي رَبِّيۤ } وفيه إشارة إلى أن القلب مهما ترك ملة النفس والهوى والطبيعة علمه الله علم الحقيقة ، وملتهم أنهم قوم لا يؤمنون بالله ؛ لأن النفس تدعي الربوبية كما قال نفس فرعون : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] والهوى يدعي الإلهية كما قال تعالى : { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } [ الفرقان : 43 ] والطبيعة هي التي ضد البشرية . { وَٱتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـيۤ إِبْرَاهِيمَ } [ يوسف : 38 ] السر ، { وَإِسْحَاقَ } [ يوسف : 38 ] الخفي ، { وَيَعْقُوبَ } [ يوسف : 38 ] الروح ، وكانت ملتهم التوحيد والمعرفة ، وأنهم أرباب الكشوف وأصحاب المشاهدات ، { مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشْرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيْءٍ } [ يوسف : 38 ] من الأشياء التي هي ما سوى الحق تبارك وتعالى ، { ذٰلِكَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ عَلَيْنَا } [ يوسف : 38 ] إذا أعطانا هذه الهداية . { وَعَلَى ٱلنَّاسِ } [ يوسف : 38 ] يعني : النفس والبدن والأعضاء والجوارح بأن أفضنا عليهم فما أفاض الله علينا ، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ } [ يوسف : 38 ] يعني : الذين نسوا نعمة الله ، { لاَ يَشْكُرُونَ } [ يوسف : 38 ] على نور فضله وكرمه .