Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 10-14)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الإشارة في تحقيق قوله تعالى : { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ إبراهيم : 10 ] أن السماوات والأرض تدلان بما كون فاطر فطرهما فإن ثبوتهما بلا كون مكون واجب الكون محال ؛ لأنه يؤدي إلى التسلسل والتسلسل محال ، وذلك الكون هو الله { يَدْعُوكُمْ } من المكونات إلى المكون لا لحاجته إليكم بل لحاجتكم إليه { لِيَغْفِرَ لَكُمْ } بصفة الغفارية { مِّن ذُنُوبِكُمْ } التي أصابكم من حجب ظلمات خلقية السماوات والأرض فاحتجبتم بها عنه { وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } المعنى لنا أخرجكم من حجب الظلمات بصفة الغفارية يؤخركم عن السير في الصفات والذات إلى أوانه حكمة منه { قَالُوۤاْ } أي : للرسل { إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا } تعبدون الهوى والدنيا كما كان يعبد آباؤنا { تُرِيدُونَ } بمقالتكم { أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا } الدنيا وشهواتها لتتمتعوا بها دوننا { فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } ببرهان يبين لنا صدق دعواكم . { قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ } [ إبراهيم : 11 ] أي : كنا { مِّثْلُكُمْ } في البشرية نعبد الهوى والدنيا { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } بأن يهديهم للإيمان وللمعرفة والمحبة ؛ ليتركوا ما سواه ويطلبوه يبذل الموجود في نيل المقصود فإذا وجدوه دلوا عباده عليه وذلك { وَمَا كَانَ لَنَآ أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } أي : أتيكم بما يتسلط عليكم ليفطركم إلى الله { وَعلَى ٱللَّهِ } في الهداية إليه { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } الذين يؤمنون بالوصول إليه . { وَمَا لَنَآ أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ } [ إبراهيم : 12 ] في الهداية { وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا } وهي الإيمان والمعرفة والمحبة فإنهما سُبل الوجود ومقاماته ، فكذلك يهدي لنا إليه إذا توكلنا عليه { وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَآ آذَيْتُمُونَا } بالتكذيب ورد الدعوة والإعراض عن الله { وَعَلَى ٱللَّهِ } في الهداية إليه { فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } على الله في الهداية إلى سبيله فإن للتوكل مقامات فتوكل المبتدئ قطع النظر عن الأسباب في طلب المرام ثقة بالمسبب ، وتوكل المتوسط قطع تعلق الأسباب ، وتوكل المنتهي قطع التعلق بما سوى الله للاعتصام بالله . { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ إبراهيم : 13 ] أي : ستروا الحق بالباطل وهم النفس والهوى { لِرُسُلِهِمْ } وهو القلب والروح فإنهما محل إلهام الحق { لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مِّنْ أَرْضِنَآ } أو أرض الإنسانية { أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } وهي طلب الدنيا وشهواتها والتلذذ بنعيمها { فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ } ألهمهم { لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّالِمِينَ } أي : لنهلكن النفس والهوى بسطوات أنوار الشريعة في استعمالها بالطريقة . { وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأَرْضَ } [ إبراهيم : 14 ] أرض الإنسانية { مِن بَعْدِهِمْ } أي : من بعد هلاكهم وتبدل أخلاقهم بأخلاق الروحانية والربانية { ذٰلِكَ } أي : ذلك الغلبة والتمكن والاستيلاء { لِمَنْ خَافَ مَقَامِي } أي : خاف مقام الوصول ، وقال : العوام يخافون دخول النار والمقام فيها ، والخواص يخافون فوات المقام في الجنة لأنها دار المقامة ، وأخص الخواص يخافون فوات مقام الوصول { وَخَافَ وَعِيدِ } أي : وعيد القطيعة والبعد .