Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 85-89)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [ النحل : 85 ] أي : وضعوا الكفر وأعمال الطبيعة في موضع الإيمان وأعمال الشريعة { ٱلْعَذَابَ } جزاء ظلمهم { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ } الأثقال التي على أرواحهم وهي الأخلاق الذميمة النفسانية الظلمانية السفلية المبدلة بالأخلاق الحميدة الروحانية النورانية العلوية ، { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } لتبديل مذمومها بمحمودها لما ذكرنا . { وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } [ النحل : 86 ] وهم عبدة الدنيا والهوى { شُرَكَآءَهُمْ } [ النحل : 86 ] من الدنيا والهوى والخلق { قَالُواْ رَبَّنَا هَـٰؤُلآءِ شُرَكَآؤُنَا ٱلَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ } [ النحل : 86 ] أي : اتخذناهم آلهة وكانوا شركاؤنا في الأرض عنك ، وفيما يدعونا إلى عبادتهم وبتربيتهم في نظرنا { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ ٱلْقَوْلَ } [ النحل : 86 ] أي : فأجابوهم { إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ } [ النحل : 86 ] ، فيما تجعلوننا شركاءكم في الإعراض عن الله ، وفيما تدعون إنا دعوناكم إلى عبادتنا فإنا كنا مشغولين بتسبيح الله وطاعته فارغين عنكم وعن أحوالكم { وَأَلْقَوْاْ } [ النحل : 87 ] يعني : المشركين { إِلَىٰ ٱللَّهِ يَوْمَئِذٍ ٱلسَّلَمَ } [ النحل : 87 ] أي : استسلموا لحكم الله لما عجزوا عن الجواب { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ النحل : 87 ] على شركائهم { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ النحل : 88 ] وأسروا الحق على أنفسهم { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ النحل : 88 ] أي : ومنعوا الأرواح والقلوب عن طلب الله . { زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ ٱلْعَذَابِ } [ النحل : 88 ] أي : زدناهم عذاب الحرمان عن الكمال فوق عذاب الخسران من النقصان { بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ } [ النحل : 88 ] حسن الاستعداد لقبول الكمال وحصول الوصال ، وفيه أيضاً إشارة إلى أن الجمادات والحيوانات والدنيا والهوى وكل شيء يكون حضوره في الآخرة ينطقهم الله الذي أنطق كل شيء . كما قال : { وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِّنْ أَنْفُسِهِمْ } [ النحل : 89 ] وهو أعضاؤهم لقوله : { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ يس : 65 ] { وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [ النساء : 41 ] يعني : النبي صلى الله عليه وسلم وشهادته عادته عامة على أمة وأعضائهم ونفوسهم وقلوبهم وأرواحهم على جميع الأمم الماضية ، بل على ذرات المكونات إذ كل شيء خلق في نظر روحه الشريف قوله أول ما خلق الله وحي : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ } [ النحل : 89 ] يعني : في الكتاب بيان كل شيء يحتاج إليه السالك في أثناء السلوك والسير إلى الله إلى أن يصل أقصى مقام الكمال المقدر للإنسان نظيره قوله : { وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَٰبٍ مُّبِينٍ } [ الأنعام : 59 ] والذي يدل على هذا التأويل قوله : { وَهُدًى وَرَحْمَةً } [ النحل : 89 ] أي : هذا الكتاب هادٍ يهدي إلى الله عباده جمة { وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ } [ النحل : 89 ] أي : هو بشارة لمن أسلم وجهه لله وهو تابع النبي صلى الله عليه وسلم بالوصول إلى مقام الكمال وحضرة الجلال .