Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 1-5)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } [ الكهف : 1 ] إشارة إلى أن الحمد والمدح والثناء والشكر كله لله أي : هو المستحق به ولا يصلح ذلك لغيره ؛ لأن وجوده كل شيء نعمة فلا منعم إلا هو { ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ } [ الكهف : 1 ] أي : على من يحسن عليه اسم العبد مطلقاً يعني محمداً صلى الله عليه وسلم وهذه كرامة لم يكرم بها الله قبل نبياً مرسلاً ولا ملكاً مقرباً ، فإنه تعالى ذكره في مواضع من القرآن بعبده مطلقاً من غير أن يسميه بكليم آخر مع عبده ، كما قال : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً } [ الإسراء : 1 ] وما ذكر أحداً من الأنبياء بالعبد إلا وقد سماه باسمه كما قال : { عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } [ مريم : 2 ] . والعبد الحقيقي من يكون حراً من الكونين وهو محمد صلى الله عليه وسلم إذ يقول : " أمتي أمتي " يوم يقول كل نبي : نفسي نفسي ، فكان هو العبد الحقيقي الذي لم يكن لنفسه ، بل كان بكليته لمولاه . وفيه معنى آخر أن الحمد واجب على النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزل القرآن على قلبه وهو مخصوص بذلك من الأنبياء ، فإن الكتب أنزلت عليهم في الصحف والألواح وإذا اختص بالعبد مطلقاً { وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } [ الكهف : 1 ] أي : ولم يجعل قلب محمد متعرجاً لا يستقيم فيه القرآن يدل على هذا التأويل قوله : " لا يستقيم إيمان أحدكم حتى يستقيم قلبه " فتقدير الكلام : قل يا محمد { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل } [ الكهف : 1 ] لقلبه { عِوَجَا } [ الكهف : 1 ] لا يستقيم فيه القرآن بل { قَيِّماً } [ الكهف : 2 ] أي : القرآن قائم فيه حتى صار خلقه القرآن . ومن استقامة قلبه نال ليلة المعراج رتبة { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [ النجم : 10 ] بلا واسطة جبريل ، ونال قلبه الاستقامة بالقرآن بأمر الله علماً ، وهو أمر التكوين بقوله : { فَٱسْتَقِمْ كَمَآ أُمِرْتَ } [ هود : 112 ] { لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً } [ الكهف : 2 ] أي : لينذركم عذاباً وهو عذاب البعد { شَدِيداً } من لدنه من قربه ، فإن أشد العذاب عذاب البعد والانقطاع والحرمان { وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الكهف : 2 ] أي : الخالصات لله { أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } [ الكهف : 2 ] وهو التمتع من حسن الله وجماله { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } [ الكهف : 3 ] بلا انقطاع وتغير حال { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً * مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ } [ الكهف : 4 - 5 ] يعني : لا يقتضي العلم أن يتخذ الله ولداً ؛ لأنه منزه عن الولد وإنما قالوا بالجهل : { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } [ الكهف : 5 ] أي : كبرت كلمة كفر وكذب قالوها عند الله وهي أكبر الكبائر إذ نسبوها إلى الله ، وكذبوا عليه وكذبوه .