Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 41-45)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وبما أنزل عليه حذر الفوات تلك السعادة ؛ لقوله تعالى : { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ } [ البقرة : 41 ] . والإشارة فيها : أن الله تعالى أمرهم بالإيمان بالقرآن وبمن أنزل عليه القرآن ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } [ البقرة : 41 ] ، يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، والقرآن مصدق ومقرر لما معكم من التوراة ، والإيمان بموسى عليه السلام { وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } [ البقرة : 41 ] ، أول من يجحده ويسن سنة الكفر ، فإن وزر المقتدي يكون على المبتدي كما يكون على المقتدي { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي } [ البقرة : 41 ] ، من كشف الحقائق والأسرار والمشاهدات والأنوار { ثَمَناً قَلِيلاً } [ البقرة : 41 ] . من مشارب النفس ؛ يعني : الذي يرى المؤمنين في الآفاق وفي أنفسهم بالالتفات إلى حركات ومعاملات توجب الحجب والأستار بالركون إلى شيء من الأحوال والمقامات ، فتقطعوا طريق ظهور الحق والوصول إليه على أنفسكم بالاختيار { وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ } [ البقرة : 41 ] أي : اتقوا بي مني وفروا إليَّ مني لتسلموا من مكري وقهري وكيد أنفسكم وضلالتها . ثم أخبر عن تأكيد الاتقاء وترك الاشتراء بقوله تعالى : { وَلاَ تَلْبِسُواْ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَٰطِلِ } [ البقرة : 42 ] ، الآيتين والإشارة في تحقيق الآيتين أي : لا تقطعوا على أنفسكم طريق الوصول إلى الحق بالباطل الذي هو تعلق القلب بما سوى الله تعالى كما قال صلى الله عليه سلم قال : " إن أصدق ما قالته العرب قول لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل " . { وَتَكْتُمُواْ ٱلْحَقَّ } [ البقرة : 42 ] أي : ولا تكتموا الحق بالتفاتكم إلى غير الله { وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 42 ] ، أنه ليس لغير الله وجود حقيقي { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلٰوةَ } [ البقرة : 43 ] ، بمراقبة القلوب وملازمة الخضوع والخشوع ، { وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ } [ البقرة : 43 ] ، وأصل الزكاة الطهارة والنماء والزيادة أي : بالغوا في تزكية النفس عن الحرص الدنيوي والأخلاق الذميمة وتطهير القلب عن رؤية السيئة ، وترك مطالبة ما سوى الله فإنه مع طلب الحق زيادة والزيادة على الكمال نقصان { وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّٰكِعِينَ } [ البقرة : 43 ] أي : اقتدوا مع الانكسار ونفي الوجود بالمنكسرين الباذلين الوجود لنيل الجود . ثم أخبر عن فريق منهم بقوله تعالى : { أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } [ البقرة : 44 ] ، والإشارة فيها أنها شاملة لمن يحرض الناس على طلب الحق ومعاملة الصدق ويحذرهم الدنيا والهوى وينبئهم عن آفاتها ، وهو تباعد عن ذلك ، ولا ينتهي بنفسه مثل العلماء السوء والملتبسين الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه ، وينهون عن المنكر ولا ينتهون عنه ، { وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ } [ البقرة : 44 ] أي : تقرؤون القرآن { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ البقرة : 44 ] ، معناه ولا تفهمون فحواه كي تنتهوا عن أفعالكم الردية وتعملوا بأقوالكم السنية . ثم أخبر عما يخرجهم إلى الحق وترك الباطل بقوله تعالى : { وَٱسْتَعِينُواْ } [ البقرة : 45 ] ، والإشارة فيها أن قوله تعالى : { وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ } [ البقرة : 45 ] ، عن شهوات النفس ومتابعة هواها { وَٱلصَّلَٰوةِ } [ البقرة : 45 ] أي : دوام الوقوف والتزام العكوف على باب الغيب وحضرة الرب ، { وَإِنَّهَا } [ البقرة : 45 ] أي : الاستعانة بهما { لَكَبِيرَةٌ } [ البقرة : 45 ] ، أمر عظيم وشأن صعب { إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ } [ البقرة : 45 ] ، وهم الذين تجلى الحق لأسرارهم فخشعت لأنفسهم كما قال صلى الله عليه وسلم : " إذا تجلى الله لشيء خضع له " .