Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 27, Ayat: 42-46)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلَمَّا جَآءَتْ } [ النمل : 42 ] رأته { قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ } [ النمل : 42 ] فلم تقل لا ولا قالت بلى فقالت : { كَأَنَّهُ هُوَ } [ النمل : 42 ] فاستدل بذلك على كمال عقلها ، ولما رأت أنه أمرنا قصر للعادة استدلت بها على صحة نبوته وقالت : { وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ } [ النمل : 42 ] من الله بنبوة سليمان من قبلها أي : قبل رؤية عن المعجزة وأسلمت ، كما قال : { وَكُنَّا مُسْلِمِينَ } [ النمل : 42 ] . { وَصَدَّهَا مَا كَانَت تَّعْبُدُ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ } [ النمل : 43 ] فصارت من قوم مؤمنين وفي قوله : { قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوارِيرَ } [ النمل : 44 ] دليل على أن سليمان أراد أن ينكحها ، وإنما صنع الصرح لتكشف عن ساقيها فيراها ليعلم أن ما قالت الشياطين في حقها صدق أو كذب ، ولو لم يستنكحها لما جوز عن نفسه النظر إلى ساقيها وقوله : { قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ النمل : 44 ] يدل على أنها أسلمت نفسها للنكاح مع سليمان لله ، وفي الله الذي هو إله العالمين وخالقهم ومربيهم . ثم أخبر عن الفريقين اللذين على الطريقين بقوله تعالى : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } [ النمل : 45 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً } [ النمل : 45 ] يشير إلى إرسال صالح القلب بالإلهام الرباني إلى ثمود بقية متولدات الروح والقالب وهي صفات القلب والنفس وصفاتها { أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ } [ النمل : 45 ] مؤمن وكافر ، فالمؤمن : صفات القلب فإنها تنورت بنور الإلهام ، والكافر : هو النفس وصفاتها { يَخْتَصِمُونَ } واختصامهم في أن القلب وصفاته يدعو النفس إلى عبودية الله ومخالفة الهوى وترك الشهوات ، والنفس وصفاتها تدعو القلب وصفاته إلى عبادة الهوى والرغبة في الدنيا وشهواتها ومخالفة الحق تعالى . ويناديهم صالح القلب { قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ } [ النمل : 46 ] وهي طلب الشهوات واللذات الحيوانية الفانية { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } [ النمل : 46 ] وهي طلب درجات الجنان والنجاة عن دركات البرية والوصول إلى قربات الرحمن وحقائق العرفان { لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ } [ النمل : 46 ] فلا تتوبون على طلب الشهوات وترجعون إلى الله { لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ النمل : 46 ] بخطاب { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } [ الفجر : 27 - 28 ] .