Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 12-16)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ } [ القصص : 12 ] يشير إلى أنه لو لم يحرم على موسى القلب المراضع من النفس والهوى بأن أرضعناه { مِن قَبْلُ } أن يقذف في تابوت القالب مار به في بحر الدنيا بلبان الروحانية لقبل ثدي موضعه الحيوانية فلم يرد إلى أم السر ، فلما لم يقبل موسى القلب ثدي المرضعات الحيوانية { فَقَالَتْ } أخته العقل { هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } [ القصص : 12 ] { فَرَدَدْنَاهُ } [ القصص : 13 ] بدلالة أخته العقل { إِلَىٰ أُمِّهِ } [ القصص : 13 ] وهي السر { كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا } [ القصص : 13 ] بوجوده وحسن استعداده لقبول الفيض الإلهي { وَلاَ تَحْزَنَ } [ القصص : 13 ] على فوات ولد مثله { وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } لا يجوز فيه الخلف وأن الله لا يخلف الميعاد { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ } [ القصص : 13 ] من النفس والصفات { لاَ يَعْلَمُونَ } [ القصص : 13 ] ولو علموا ما تركوا الموعود الشريف الباقي للنفس الخسيس الفاني { وَلَمَّا بَلَغَ } موسى القلب { أَشُدَّهُ } بآلة بينته وهو استعداد لقبول الفيض { وَٱسْتَوَىٰ } للتوجه إلى الحضرة { آتَيْنَاهُ حُكْماً } [ القصص : 14 ] أي : حكمة وعلماً وفهماً لكلامنا { وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } [ القصص : 14 ] الذين أحسنوا لأنفسهم وأحسنوا في الطلب يجزيهم بالإحسان في العطاء بالأجر العظيم كقوله : { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ إِلاَّ ٱلإِحْسَانُ } [ الرحمن : 60 ] ، وقوله : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } [ النساء : 40 ] وقوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] يعني : هذه قضية عامة لا خاصة . ثم أخبر عما قضى { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ } [ القصص : 15 ] بقوله تعالى : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ } [ القصص : 15 ] والإشارة في تحقيق الآيات بقوله : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } يُشير إلى أن موسى القلب دخل مدينة الإنسانية : { وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا } [ القصص : 15 ] وهم الصفات النفسانية ولو لم يكن على حين غفلة من الصفات لما أمكن له الدخول فيها لعداوتها إياه { فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ } أي : صفتين { هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ } أي : من صفات القلب { وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ } أي : من صفات النفس { فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ } [ القصص : 15 ] القلب بقوة الروحانية { فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } أي : عليها وفزع منها وبقوله : { قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ } [ القصص : 15 ] يشير أن قبل صفات النفس والجهاد معها إن لم يكن بأمر الله تعالى وسبيل المتابعة يكون من عمل الشيطان و { إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ } ويجب الاستغفار عليه كما قال موسى : { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي } [ القصص : 16 ] إذ جاهدتها بأمر الشيطان لا بأمرك { فَٱغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [ القصص : 16 ] لمن يستغفره وتاب إليه .