Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 22-26)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم أخبر عن أهل الحق وطالبيه بالصدق بقوله تعالى : { وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } [ لقمان : 22 ] ، يشير إلى أن من يسلم نفسه ويخلص في ذلك قصده ويعرض عما سوى الله ويقبل وجهه على الله وهو محسن ، يعني : من نعت المحسن أن يعبد الله كأنه يراه ، فينبغي ألا يرى في الوجود مع الله شيئاً ومن هذا حاله ، { فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ } [ لقمان : 22 ] ، وسلك المحبة المثلى { وَإِلَىٰ ٱللَّهِ عَاقِبَةُ ٱلأَمُورِ } أي : عاقبة أمر التوجه يكون إلى الله بالوصول { وَمَن كَفَرَ فَلاَ يَحْزُنكَ كُفْرُهُ } [ لقمان : 23 ] وإعراضه فإنه بالإعراض عن الله من يدعي الطلب { إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ } [ لقمان : 23 ] بلا اختيارهم { فَنُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوۤاْ } [ لقمان : 23 ] أي : بحسب أعمالهم يخبرهم عما عملوا من الحسنات والسيئات . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ لقمان : 23 ] أي : عليم بما حوته الصدور من الصفات النفسانية والأخلاق الروحانية وما يتولد منها من الأعمال والأحوال قبل تولده منها ، فمن كانت همته مصروفة على التمتعات الدنيوية الفانية تمتعهم من متاع الدنيا قليلاً أيام حياته القليلة . { ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ } [ لقمان : 24 ] لفساد استعدادهم بالتمتعات الذميمة من شهوات النفس { إِلَىٰ عَذَابٍ } [ لقمان : 24 ] أي : معاملات موجبة للعذاب { غَلِيظٍ } [ لقمان : 24 ] وغلظة العذاب عبارة عن دوامه إلى الأبد { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ } [ لقمان : 25 ] يعني كافر النفس وصفاتها { مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } [ لقمان : 25 ] للاحتياج به ولبقية آثار الإيمان الفطري معها . { قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } [ لقمان : 25 ] على ما أبقى على النفوس أثر التوحيد { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } [ لقمان : 25 ] قدر بقاء أثر التوحيد بل أكثرهم لا يعلمون { لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الظاهرة والباطنة فإنها خزائنه كما قال : { وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ المنافقون : 7 ] { إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَنِيُّ } بذاته وصفاته قبل خلق السماوات والأرض وبعده وكلمة هو تكون للحصر أي : هو الغني وحده وليس معه غني آخر ، ودليله قوله تعالى : { وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ } [ محمد : 38 ] { ٱلْحَمِيدُ } في ذاته وصفاته وإن لم يكن له حامد فهو الحامد لنفسه .