Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 50-54)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبقوله : { قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفْسِي } [ سبأ : 50 ] يشير إلى أن الضلالة منشؤها نفس الإنسان ، فإذا وكلت النفس إلى طبعها لا يتولد منها إلا الضلالة وبقوله : { وَإِنِ ٱهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي } [ سبأ : 50 ] يشير إلى أن الهداية من مواهب الحق تعالى ليس نفسي منشؤها ، ولذلك قال الله تعالى فيه { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [ الضحى : 7 ] { إِنَّهُ سَمِيعٌ } [ سبأ : 50 ] من الأزل بمنطق كل ناطق وتسبيح كل مسبح من الناطقين والجمادات إلى الأبد ، وهم في كتم العدم وفي حال وجودهم بحيث لا يشغله شأن من الناطقين والجمادات إلى الأبد ، وهم في كتم العدم وفي حال وجودهم بحيث لا يشغله شأن سمع مسموع عن شأن سمع مسموع آخر بلا تغير سمعه عند تغير المسموعات { قَرِيبٌ } [ سبأ : 50 ] بكل شيء وإن كان بعيداً منه ، وقرب من ليس يقربه قرب { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُواْ فَلاَ فَوْتَ } [ سبأ : 51 ] أي : لو رأيت ذلك لرأيت منظراً فظيعاً { وَأُخِذُواْ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } [ سبأ : 51 ] إذا أخذهم بعد الإمهال فليس إلا الاشتغال . { وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ } [ سبأ : 52 ] إذا تابوا وقد أغلقت الأبواب وندموا وقد تقطعت الأسباب فليس إلا الخسران والندم ، ولات حين ندامة ، كذلك من استهان بتفاصيل فترته ، ولم يَسْتَفِقْ من غَفْلَتِه يُتَجَاوَزُ عنه مرةً ، ويَعْفَى عنه كَرَّةً ، فإذا استمكنت منه القسوةُ وتَجَاوَزَ سوءُ الأدبِ حَدَّ الغفلة ، وزاد على مقدار الكثرة ؛ يحصل له من الحقِّ رَدٌ ، ويستقبله حجاب ، وبعد ذلك لا يُسْمَعُ له دعاء ، ولا يُرْحَمُ له بكاء ، كم قيل : @ فَخَلِّ سبيلَ العينِ بعدك للبُكَا فليس لأيام الصفاءِ رجوعُ @@ وبقوله { وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } [ سبأ : 53 ] يشير إلى خواصه يتمنون معارف الأسرار ومراتب الأحرار وهم بعد في أيدي كفار الأوصاف مأسورون وبقيود الحواس مقيدون ، ولا يرمون الظنون الكاذبة ويردفون المعاني الصادقة { وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ } [ سبأ : 54 ] قال : " الدين ليس بالتمني " { كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ } أي : كما فعل بطريق الحرمان باتكالهم من المتمنين المتقدمين الذين { إِنَّهُمْ كَانُواْ فِي شَكٍّ } في حقيقة هذا الأمر { مُّرِيبٍ } لغير موقع في الريبة .