Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 39, Ayat: 73-75)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن سوق أهل التُقى إلى جنة المأوى بقوله تعالى : { وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ } [ الزمر : 73 ] ، يشير إلى أنهم سيقوا بداعية الإيمان على أقدام الأعمال الصالحة { إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً } [ الزمر : 73 ] فرقة فرقة ، كل فرقة على قدم خلق آخر ، ولكنه سوق بغير تعب ولا نصب ، بل سوق بروح وطرب ، هؤلاء عوام أهل الجنة ، وفوق هؤلاء قوله : { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ } [ ق : 31 ] ، وفوقهم من قال فيهم : { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] ، وفرق بين من يساق إلى الجنة وبين من تقربت منه الجنة ، وفي الحقيقة أهل السوق الظالمون ، وأهل الزلفة المقتصدون ، وأهل الوفد السابقون ، { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [ الزمر : 73 ] ؛ أي : وجدوا أبوابها مفتوحة ؛ لئلا يصيبهم وصب الانتظام ، { وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } [ الزمر : 73 ] هذا لعوام أهل الجنة ، ولخواصهم قوله : { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ } [ يس : 58 ] ، { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ } [ الزمر : 74 ] ، للعوام بقوله : { وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ } [ الزمر : 74 ] ، وللخواص صدقهم وعده بقوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } [ يونس : 26 ] ، ولأخص الخواص أصدقهم وعده بقوله : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 55 ] فنعم أجر العاشقين . وبقوله : { وَتَرَى ٱلْمَلاَئِكَةَ حَآفِّينَ مِنْ حَوْلِ ٱلْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } [ الزمر : 75 ] ، يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وخواص متابعيه من أمته إذا كانوا { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 55 ] في جوار رب العالمين وكمال قرب أو أدنى ترى يا محمد الملائكة حافين من حول العرش ، ولا حول لهم ولا قوة على العبور ، والوصول إلى العرش وهم { يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ } [ الزمر : 75 ] ، راضون قائمون بذلك ، { وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِٱلْحَقِّ } [ الزمر : 75 ] ؛ يعني : بين الملائكة وبين الأنبياء والأولياء بما أعطي كل فريق منهم من المراتب والمنازل ما أعطي ، { وَقِيلَ } [ الزمر : 75 ] ؛ يعني : قال كل فريق منهم { ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الزمر : 75 ] على ما أنعم علينا به .