Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 137-139)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن التقليدي لا الحقيقي بقوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ } [ النساء : 137 ] ، والإشارة فيها : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ النساء : 137 ] ؛ يعني : بالتقليدي ، { ثُمَّ كَفَرُواْ } [ النساء : 137 ] إذ لم يكن للتقليد أصلاً ، { ثُمَّ آمَنُواْ } [ النساء : 137 ] بالاستدلال العقلي ، { ثُمَّ كَفَرُواْ } [ النساء : 137 ] ، إذ لم يكن عقولهم مؤيدة بالتأييد الإلهي ، { ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً } [ النساء : 137 ] بالشبهات العقلية ، إذ تمسكوا بالعقول المشوبة بالهوى وحب الدنيا فوقعوا في ورطة الهلاك مع المبتدعة والمتفلسفة ، وإلا نعوذ بالله من الحور بعد الكور . وفي قوله تعالى : { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } [ النساء : 137 ] ، يشير إلى : إن من يكون إيمانه تقليدياً ذلك بأن لم يكن الله في الأزل عاقراً لهم بنوره عند العرش ، كما قال : ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه فقد اهتدى ، ومن أخطأه فقد ضل ، فلما أخطأهم ذلك النور فما آمنوا بالله بالحقيقة ، وإن آمنوا بالتقليد كفروا ، كما كانوا على أصل الضلالة ، { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } [ النساء : 137 ] ، إلى الهدى اليوم ؛ لأن الأصل لا يخطأ إذ أخطأهم ذلك . ثم قال تعالى : { بَشِّرِ ٱلْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } [ النساء : 138 ] ؛ لأن أصل نفاقهم من أخطاء ذلك النور أيضاً ؛ يعني : بشرهم بأن أصل جوهرهم من جواهر الكفار ولهذا { ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ النساء : 139 ] ، فإن ائتلافهم هاهنا نتيجة تعارف أرواحهم هناك ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم " الأرواح جنود مجندة " ، فمن تعارف أرواحهم أرواح الكافر والمنافق هناك يأتلفون هاهنا ، ومن تناكر أرواحهم أرواح المؤمنين هناك يختلفون . ثم أشار بقوله تعالى : { أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلعِزَّةَ للَّهِ جَمِيعاً } [ النساء : 139 ] إلى من يطلب العزة في الدارين ، فليست العزة عند الدنيا وأهلها ، فلا تطلبوها عندهم ولكن فاطلبوها عند الله ؛ أي : في مقام العندية ، فإن عنده خير الدنيا والآخرة جميعاً ، فمن تابع النبي صلى الله عليه وسلم حق المتابعة وقال تعالى { عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ } [ القمر : 55 ] ، يقال له : { وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ } [ المنافقون : 8 ] .