Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 34-37)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أخبر عن أسباب الارتياب بقوله تعالى : { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ } [ غافر : 34 ] ، يشير إلى أن الإنسان من ظلوميته وجهوليته لو خلى إلى طبيعته لا يؤمن بنبي من الأنبياء ، ولا بمعجزاتهم أنها آيات الحق تعالى ، وهذا طبيعة المتقدمين والمتأخرين منهم ، وأن المهتدي منهم من يهده الله بفضله وكرمه ، ومن إنكارهم الطبيعي أنهم ما آمنوا بنبوة يوسف عليه السلام فلما هلك أنكروا أن يكون بعده رسولاً . كما أخبر الله تعالى عنهم بقوله : { قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ } [ غافر : 34 ] ؛ أي : يكله إلى إنكاره الطبيعي { مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ } [ غافر : 34 ] في طلب الدنيا وشهواتها ، { مُّرْتَابٌ } [ غافر : 34 ] في دعوى الإيمان والطلب . { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } [ غافر : 35 ] ؛ أي : بغير شاهد من شواهد الحق تعالى أتاهم من الله بوادة الحق { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ } [ غافر : 35 ] ، أن يقولوا على الله ما لا تعلمون ، { وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ غافر : 35 ] أن يجادلوهم بالباطل { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } [ غافر : 35 ] ؛ أي : كذلك بطريق تكبر المتكبر ، وتمرد الجبار والجدال بالباطل يختم الله تعالى بخاتم المقت على كل قلب متصف بالكبر والجبروت . وبقوله : { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ } [ غافر : 36 ] ، { أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } [ غافر : 37 ] يشير إلى أن من ظن الله سبحانه في السماء كما ظن فرعون فإنه فرعون وقته ، ولو لم يكن من المضاهاة بين من يعتقد أن الله تعالى في السماء وبين الكافر إلا هذا لكفى به خزياً لمذهبهم وغلط اعتقادهم ، فإن فرعون غلط إذ توهم أن الله في السماء ، ولو كان في السماء لكان فرعون مصيباً في طلبه من السماء ، وقوله : { وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } [ غافر : 37 ] دل على أن اعتقاده أن الله في السماء خطأ ، وأنه بذلك مصدود عن سبيل الله ، { وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ } [ غافر : 37 ] في طلب الله عن السماء ، { إِلاَّ فِي تَبَابٍ } [ غافر : 37 ] خسران وضلالة .