Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 20-22)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ } [ الشورى : 20 ] بحمده وسعيه { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } [ الشورى : 20 ] بهدايتنا ، وتوفيق مزيد طاعتنا ، وصفاء الأحوال في المعارف بعنايتنا اليوم ، ونزيده في الآخرة قربة ومكانة ورفعة في الدرجات ، وشفاعة الأصدقاء والقرابات ، { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا } [ الشورى : 20 ] مكتفياً به { نُؤْتِهِ مِنْهَا } [ الشورى : 20 ] ؛ أي : من آفات حب الدنيا من عمى القلب وبكمه وصمه وسفهه ، والحجب التي يتولد منها من الأخلاق الذميمة النفسانية ، والأوصاف الردية الشيطانية السبعية ، والبهيمية الحيوانية ، { وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } [ الشورى : 20 ] ؛ أي : في الأوصاف الروحانية والأخلاق الربانية . ثم أخبر عن جفاء الشركاء بقوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } [ الشورى : 21 ] يشير إلى كفار النفوس أنهم شرعوا عند استيلائهم من الدين بالهوى للأرواح والقلوب ما لم يرض به الله من مخالفات الشريعة وموافقات الطبيعة ، { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ } [ الشورى : 21 ] ؛ يعني : ما سبق من الحكم بالحكمة في تأخير تكاليف الشرع لقمع الطبع تربية لقالب بحمل أعباء الشريعة ، { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } [ الشورى : 21 ] بالتكاليف والمجاهدات قبل البلوغ ، { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ } [ الشورى : 21 ] ؛ يعني : في ظلم نفسه بمتابعة الهوى ، { لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الشورى : 21 ] بعد البلوغ في العظام من مألوفات الطبيعة بالأحكام الشرعية ، { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } [ الشورى : 22 ] بمتابعة الهوى في الأوصاف الذميمة ، { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } [ الشورى : 22 ] ؛ يعني : عذاب ما كسبوا ما في الدنيا بكثرة الرياضات وأنواع المجاهدات ؛ لتزكية النفوس من أوصافها وتحليتها بأضدادها ، وأما في الآخرة بورودها النار لتنقيتها ، { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ الشورى : 22 ] استعملوا تكاليف الشرع ؛ لقمع الطبع ، وكسر الهوى ، وتزكية النفس ، وتصفية القلب ، وتحلية الروح ، { فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ } [ الشورى : 22 ] في الدنيا جنات الوصلة والمعارف وطيب الأنس في الخلوة ، وفي الآخرة في روضات الجنة ، { لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ } [ الشورى : 22 ] ؛ أي : مراتبهم في القربات والوصلات ، والمكاشفات والمشاهدات ، ونيل الدرجات على قدر همتهم ووفق مشيئتهم ، { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } [ الشورى : 22 ] في حق الأمة ، والنبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بالفضل العظيم كما قال تعالى : { وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً } [ النساء : 113 ] .