Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 48-51)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَإِنْ أَعْرَضُواْ } [ الشورى : 48 ] عن الله بالإقبال على الدارين ولم يجيبوا { فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً } [ الشورى : 48 ] يحفظهم عن الالتفات إلى الدارين لأن الحفظ من شأني لا من شأنك فإني حفيظ ، { إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ } [ الشورى : 48 ] فليس عليك إلا بتبليغ الرسالة ، ثم نحن نعلم بما نعاملهم بالتوفيق أو بالخذلان . وبقوله : { وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا } [ الشورى : 48 ] يشير إلى ما يفتح الله تعالى به على القلوب من رحمته الخاصة ؛ يعني : المواهب الإلهية ، وفتوحات الغيب ، وأنواع الكرامات التي تربى بها أطفال الطريقة ، ثم من ضيق سخطات البشرية استمالت الطبيعة إلى البطر بها فيجيبه ، والعجب أنها تداخله وتغلق أبواب الفتوحات بعد فتحها وذلك قوله : { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ } [ الشورى : 48 ] ؛ يعني : إذ لم يشكر على ما فتح الله عليه من المواهب ليزيده ؛ بل نظر إلى نفسه بالعجب ، وأفشى سره على الخلق وإراءته شمعة من خصوصيته للإنسانية ، إذ وكله الله إلى نفسه ، ثم قال : { لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الشورى : 49 ] ؛ أي : سماوات القلوب { وَٱلأَرْضِ } [ الشورى : 49 ] أرض النفوس { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } [ الشورى : 49 ] فيهما ، وبقوله : { يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ } [ الشورى : 49 ] يشير إلى أرباب الولاية من المشايخ المسلكين ، يهب لبعضهم من المريدين الصادقين الأتقياء الصلحاء وهم بمثابة الإناث لا تصرف لهم في غيرهم بالتخريج والتسليك ، ويهب لبعضهم من المريدين والصديقين المحبين الواصلين ، الكاملين المسلكين المخرجين وهم بمثابة الذكور لاستعداد تصرفهم في الطالبين ، { أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً } [ الشورى : 50 ] ؛ يعني : يهب لبعضهم من الجنسين المذكورين متصرفين في الغير وغير المتصرف ، { وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ } [ الشورى : 50 ] لبعضهم من المشايخ { عَقِيماً } [ الشورى : 50 ] لا يقوم منهم المريدون ، { إِنَّهُ عَلِيمٌ } [ الشورى : 50 ] لمن يجعله متصرفاً وغير متصرف في المريد ، { قَدِيرٌ } [ الشورى : 50 ] على من يشاء أن يجعله متصرفاً أو غير متصرف . ثم أخبر عن معاملة أهل المكالمة بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً } [ الشورى : 51 ] يشير إلى أن البشر متى كان محجوباً بصفات البشرية ، موصوفاً بأوصاف الخلقية الظلمانية الإنسانية لا يكون مستعداً أن يكلمه الله إلا بالإلهام والوحي في النوم أو اليقظة ، { أَوْ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ } [ الشورى : 51 ] بالكلام الصريح { أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً } [ الشورى : 51 ] من الملائكة ، { فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ } [ الشورى : 51 ] إنه علي بعلو القدم لا يجانسه محدث ، { حَكِيمٌ } [ الشورى : 51 ] فيما يساعد البشر بإفناء أنانيته بهويته ، فإذا فنيت البشرية وارتفعت الحجب وتبدلت كينونيته بكينونية الحق حتى به يسمع وبه يبصر وبه ينطق ، فيكلمه الحق به شفاها ، وبه يسمع العبد كلام كفاحا كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم في سر { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } [ النجم : 10 ] .