Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 43, Ayat: 77-84)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبقوله : { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ } [ الزخرف : 77 ] يشير إلى أنهم لو قالوا في الدنيا يا مالك بدل قولهم : { يٰمَالِكُ } يسمعوا أنتم تخرجون بدل { قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] ، { لَقَدْ جِئْنَاكُم بِٱلْحَقِّ } [ الزخرف : 78 ] بالدين القويم فلم تقبلوا إلا من الطبيعة الإنسانية ، أن أكثرهم يميلون إلى الباطل وذلك قوله : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } [ الزخرف : 78 ] ، وبقوله : { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [ الزخرف : 79 ] يشير إلى أن أمور الخلق منتقضة عليهم فلما يتمشى لهم ما دبروه وقلما يرتفع لهم من الأمور شيء على ما قدروه ، وهذه الحال أوضح دليل على إثبات الصانع ، وبقوله : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } [ الزخرف : 80 ] خوفهم بسماع أحوالهم وكتابة الملك أعمالهم عليهم لغفلتهم عن الله ، ولو كان لهم خبر عن الله لما كان خوفهم لغير الله ومن علم أن أعماله تكتب علبه ويطالب بمقتضاها قل إلمامه بما يخاف أن يسأل عنه . ثم أخبر عن تنزيه ذاته وصفاته بقوله تعالى : { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } [ الزخرف : 81 ] يشير إلى نوع من الاستهزاء بهم وبمقالهم والاستخفاف بعقولهم ؛ يعني : قل إن كان للرحمن ولد كما تزعمون وتعبدون عيسى بأنه ولده فأنا كنت أول العابدين له ، ثم نزه ذاته وصفاته عما نسبوه إليه بقوله : { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } [ الزخرف : 82 ] يعني : ذاته وصفاته منزهة عن كل وصف تدركه العقول والظنون ، وما ينسبونه إلى العرش في معنى الاستواء بظنونهم في طلب التأويل { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ ٱللَّهُ } [ آل عمران : 7 ] ، وبقوله : { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } [ الزخرف : 83 ] يشير إلى : أن الله تعالى خلق الخلق أطواراً مختلفة ، فمنهم من خلقه فيستعده للجنة بالإيمان والعمل الصالح وانقياد الشريعة ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم . ومنهم من خلقه للنار فيستعده للنار برد الدعوة والإنكار والجحود والخذلان ، بأن وكل إلى الطبيعة النفسانية الحيوانية التي تميل إلى اللهو واللعب والخوض فيما لا يعنيه . ومنهم من خلقه للقربة والمعرفة فيستعده لها بالمحبة والصدق ، والتوكل واليقين ، والمشاهدات والمكاشفات والمراقبات ، وبذل الوجود بترك الشهوات وأنواع المجاهدات ، وتسليم تصرفات أرباب الولات ؛ ليتحقق له أنه تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ } [ الزخرف : 84 ] ؛ أي : هو معبود أهل السماء وبه تقوم السماء ، { وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ } [ الزخرف : 84 ] ؛ أي : هو الذي معبود أهل الأرض وإله الآلهة ، ولا قاضي لحوائج أهل الأرض إلا هو ، وبه تقوم الأرض ، { وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ } [ الزخرف : 84 ] في تدبير العالم وأهله ، { ٱلْعَلِيمُ } [ الزخرف : 84 ] بجميع الأحوال في الأزل إلى الأبد .