Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 30-34)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقال : { وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ } [ محمد : 30 ] ، بإراءته الحق تعالى إياه ، وقال : { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } [ محمد : 30 ] ؛ أي : في معنى الخطاب ؛ لأنك تنظر بنور الله فترى منشأ كلامهم ، فيخبرك سرائرهم عن ضمائرهم ، وأن الأسرة لتدل على السريرة ؛ فالمؤمن ينظر بنور الفراسة ، والعارف ينظر بنور التحقيق ، والنبي ينظر بالله فلا يستتر عليه شيء ، { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } [ محمد : 30 ] إنها صادرة بخباثة نياتكم . وبقوله : { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ } [ محمد : 31 ] ، يشير إلى أن البلاء مخلص إبريز الولاء ، كما قيل : البلاء للولاء كاللهب للذهب ، فإن بالابتلاء والامتحان يتبين جواهر الرجال ؛ فيظهر المخلص ، ويفضح المارق ، وينكشف المنافق ، ويتميز الموافق ، وعند الامتحان يكرم الرجل أو يهان . وفي قوله تعالى : { حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } [ محمد : 31 ] ، إشارة إلى أننا نعلمكم ، ونكشف لكم من المجاهد الصابر منكم ، وبالابتلاء نخبركم عن جواهركم أنها من السعداء والأشقياء ، وإلا نحن عالمون بخالص جواهركم من الأزل إلى الأبد ؛ لأنا خلقناها على أوصافها ، { أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [ الملك : 14 ] ، فيتغير أحوال جواهركم في الأمة ، فإن المختلفة لا تظنوا تغير علمنا ، فإذا يراكم في حالة واحدة ، وتغيرات أحوالكم كلها كما هي ؛ بحيث لا يشغلنا حالة عن حالة . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ محمد : 32 ] ؛ أي : أنكروا بعد أن أقروا ، وقطعوا الطريق على الطالبين ، { وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ } [ محمد : 32 ] بشواهد الحق ، فلم يعرفوا قدرها ولم يؤدوا حقها ، أخذوا بكفران النعمة وأمهلوا بالخذلان فتقاعدوا عن الخدمة ، { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } [ محمد : 32 ] ، وإنما أضروا بأنفسهم { وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ } [ محمد : 32 ] ، لا ينتفعون بها في الدارين . ثم أخبر عن الطاعة بقدر الاستطاعة بقوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ } [ محمد : 33 ] ، يشير إلى أن عمل وطاعة لم يكن بأمر الله وسنة رسوله ، فهو باطل لم يكن له ثمرة ؛ لأنه صدر عن الطبع والطبع ظلماني ، وإنما جاء الشرع وهو نوراني ؛ ليزيل ظلمة الطبع بنور الشرع ، فيكون ثمراً وثمرته أن يخرجكم من الظلمات إلى النور ؛ أي : من ظلمات الطبع إلى نور الحق . { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } [ محمد : 34 ] من النفوس المتمردة ، { وَصَدُّواْ } [ محمد : 34 ] ، القلوب { عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } [ محمد : 34 ] وطلبه ، { ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ } [ محمد : 34 ] على طبيعتهم ، { فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } [ محمد : 34 ] في الآخرة ؛ لأنهم ماتوا على الكفر ؛ فيحشرون على ما ماتوا عليه .