Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 108-110)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يَأْتُواْ بِٱلشَّهَادَةِ عَلَىٰ وَجْهِهَآ } [ المائدة : 108 ] ؛ يعني : العقل والسر إن كانا ثابتين في بدء الأمر بأداء الحقوق في استعمال صفات النفس للشعارات الأخروية ؛ لكان أولى وأخرى { أَوْ يَخَافُوۤاْ أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ } [ المائدة : 108 ] ؛ يعني : أو يخافا عواقب الأمور بأن يتنزل على أنفسهم باستمهال وتضييع الوقت وفوات القرش وإفساد الاستعداد ، ثم بالتذكر والتفكر برد الأمر إليهم فيحتاجون إلى كثرة الرياضة والمجاهدة الزكية والتصفية ، ثم قال تعالى : { وَٱتَّقُوا ٱللَّهَ } [ المائدة : 108 ] ، أي : اتقوا بالله عما سواه { وَٱسْمَعُواْ } [ المائدة : 108 ] ، وأطيعوا أحكام الأزل { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي } [ المائدة : 108 ] ، إلى حضرته اليوم { ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } [ المائدة : 108 ] ؛ يعني : الذين كانوا خارجين عند رشاش النور على الأرواح عن قبول النور وإصابته كما قال صلى الله عليه وسلم : " أفمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه فقد ضل " . ثم أخبر عن إصابة أهل الإصابة بقوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ } [ المائدة : 109 ] . إشارة إن القيامة هي يوم يتجلى الحق فيه بالصفة القاهرية يوم يكشف عن ساق ، يوم يجمع الله الرسل في حظائر القدس دون العالمين ، فيكاشفهم بنقم الجلال فيقول لهم عند احتباس قومهم : ماذا أجبتم لما دعوتم الأمم إلي وإلى معرفتي وهم مستغرقون في بحر الشهود الغائبون عن أوصاف الوجود { قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ } [ المائدة : 109 ] ، فأنطقهم الله بالبراءة عن التحقيق بباطن الأمور وحقيقتها حتى نفوا العلم عن أنفسهم وأثبتوا لحضرة جلاله فقالوا : { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ } [ المائدة : 109 ] ؛ أي : إنك تعلم ما غاب عنا وغبنا عنه ، فإنك ما تغيب عن شيء ، ولا يغيب عنك شيء كما قال صلى الله عليه وسلم نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر . ثم أخبر عن الآية ونعمائه مع نبي من أنبيائه بقوله تعالى : { إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ } [ المائدة : 110 ] ، والإشارة فيها أن في قوله تعالى إذا قال الله : يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إشارة إلى نعمة خاصة مع عيسى ووالدته دون سائر الخلق ، وذلك أن حمل مريم ما كان من الرجال كسائر النساء وإنما كان بروح منه كما قال تعالى : { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا } [ التحريم : 12 ] ، وكذلك ولادة عيسى عليه السلام وخلقه ما كان من قطعة الرجال إنما كانت كلمة ألقاها إلى مريم وروح منه ، ومن نعم الله عليها ما قال : { إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمَهْدِ وَكَهْلاً } [ المائدة : 110 ] ، يعني : تكلمك في الطفولية وفي الكهولية وبقية المعجزات التي ظهرت منك كما أنها نعمة في حقك ، فكذلك هي نعمة في حق أمك بأنها تدل على براءة ساحتها فما نسبوها إليه واتهموها به .