Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 7-9)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } [ المائدة : 7 ] ، التي أنعم بها ، { عَلَيْكُمْ } [ المائدة : 7 ] ، في بدء الوجود بإخراجكم من ظلمة العدم إلى نور الوجود قبل كل موجود وخلقكم في أحسن التقويم بقول الدين القويم ، وهداكم إلى الصراط المستقيم ، واستماع خطاب ألست بربكم وجواب بلى ، { وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ } [ المائدة : 7 ] ؛ أي : العهد الذي عاهدكم به على التوحيد والعبودية ووفقكم للسمع والطاعة { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } [ المائدة : 7 ] ، ولو لم تكن نعمة التوفيق لقلتم سمعنا وعصينا كما قال أهل الخذلان في العصيان { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ المائدة : 7 ] ، أي : اتقوا بالله عن غير الله { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ المائدة : 7 ] ، أي : بالقلوب وما فيها من الاتقاء عن الأِشياء . ثم أخبر عن طريق الاتقاء وترك الالتجاء بقوله تعالى { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ للَّهِ } [ المائدة : 8 ] ، والإشارة أن الخطاب في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا مع أهل الصف الأول في الميثاق الذين آمنوا بالعيان لا بالبيان كونوا قوامين ، { شُهَدَآءَ بِٱلْقِسْطِ } [ المائدة : 8 ] ، فالأمر أمر التحويل والتكوين فكما خوطبوا وأمروا أن يكونوا فكانوا قائمين بالحق ناطقين بالحق شاهدين بالحق { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىۤ أَلاَّ تَعْدِلُواْ } [ المائدة : 8 ] ، فيه معنيان أحدهما : لا يحملنكم عداوة الشيطان والنفس والهوى والدنيا على أن تظلموا وتجوروا على أنفسكم بالظلم على المسلمين ، فإن الشيطان من شيمته العداوة فلا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر ولا يضركم على أنفسكم في الدنيا والآخرة والنفس من طباعها أنها أمارة بالسوء فهي أعدى الأعداء ، والهوى من شأنه أن يضلكم عن سبيل الله ، والدنيا قد زينت لأربابها وهي رأس كل خطيئة فلا يحملنكم شنآن هذا القوم على أن تعدلوا والمعنى العالي ، ولا يحملنكم حسد الحساد وعداوة الأعداء على أن تعدلوا مع أنفسكم وتظلموها بمنازعة الحساد ومناسبة الأعداء فتقعوا في ورطات الهلاك ويغلب عليكم الصفات السبعية والشيطانية . { ٱعْدِلُواْ } [ المائدة : 8 ] ، هذا أيضاً من التلوين للقوامين بالقسط فلا يسعهم إلا العدل ، وهو القيام بالاعتدال الحقيقي في العبودية والاستواء على سمت الربوبية { هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 8 ] ، يعني : العدل بهذا المعنى أقرب إلى البقاء بالمولى مما سواه { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ المائدة : 8 ] ، أي : اتقوا بالله عن غير الله { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } [ المائدة : 8 ] ، إنكم لا تقدرون على الاتقاء بالله إلا بجذبات الله . { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ المائدة : 9 ] ، التي تصلحهم بقبول الجذبات { لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } [ المائدة : 9 ] ، وهو جذبات لتأخذهم عنهم به إليه فافهم جيداً .