Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 55, Ayat: 71-78)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 71 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة الأعمال الصالحة ، أم بنعمة الأخلاق الحسنة تكذبان ؟ { حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي ٱلْخِيَامِ } [ الرحمن : 72 ] ؛ يعني : صورة عمل روحي محبوسة في خيام لطيفة جسمانية ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 73 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة صورة العمل الروحي ، أم بنعمة حبسها في خيام القوة الجسمانية تكذبان ؟ { لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 74 ] ؛ لأنهن محبوسات في الخيام الجسمانية ، مأمونات عن ملامسة يد قوة علوية مكدرة بدخان الهوى ، وسفلية ملوثة بقاذورات الطبع ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 75 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة حفظ هذه الأمور الخالدة عن مساس يد قوة مكدرة علوية ، أم بنعمة صوتها عن ملامسة يد قوة ملوثة سفلية تكذبان ؟ { مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ } [ الرحمن : 76 ] ؛ يعني : تلك الصورة الحسنة الخيرة الخالدة ، متكئين على بسط الرفرف الخضر الذي يوصلها الجذبة إليها ، ولحاف الألحاف الخفية المنقوشة عليها معارف سر الربوبية المودع في تراب الطبيعة ، وشر الخلافة المدرج في نار الروحانية ، { فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } [ الرحمن : 77 ] ؛ يعني : أيتها القوتان ، أبنعمة بسط الرفرف الخضر ، أم بنعمة لحاف العبقري المنقوش عليه أسرار الربوبية والخلافية تكذبان ؟ { تَبَارَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِي ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ } [ الرحمن : 78 ] ؛ يعني : تبارك وتعالى اسم ربك الذي لجلالته وإكرامه ، وكمال قدرته وإعظامه يحصل لقائله هذه الجنان التي وصفناها في سورة الرحمن ، فأبشروا يا صعاليك الذاكرين أن جميع الحسنات والطيبات مدرجات في الكلمة الطيبة الحسنة ؛ وهي { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ } [ الصافات : 35 ] . { هَلْ جَزَآءُ ٱلإِحْسَانِ } [ الرحمن : 60 ] ؛ يعني : هل جزاء من يقول : لا إله إلا الله من صدق القلب إلى الجنة المضافة إلى الرب ، والجنان التي فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين هي صور الأعمال الحسنة ، فاجتهدوا في تطهير مجاري ذكركم الكريم ، وفي نفي الخواطر عند اشتغالكم بالذكر لتدخلوا جناتكم ، وتجالسوا رضوانكم ، وتشاهدوا رحمانكم ، وتعرفوا إنسانكم ، وتطَّلعوا على سر ما قال نبيكم صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى خلق الإنسان على صورة الرحمن " ، ومن قرأ سورة الرحمن وعرفها حق المعرفة اطَّلع على كمال معرفته صلى الله عليه وسلم ، وإشاراته اللطيفة المدرجة في كلماته الشريفة ، وعلم أنه صدوق فيما قال : " أوتيت جوامع الكلام " صلى الله عليه وسلم . اللهم ثبتنا على متابعته ، وعرفنا إشاراته ، ولا تحرمنا من بركاته ، ووفقنا للصلاة عليه ، وأشركنا في تحياته وصلاته بحقه صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم يفرق بين المسيء والمحسن ، يسوق المسيء على جهنم بسوط سيئاته ، ويسوق المحسن إلى الجنة بسوط حسناته .