Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 1-4)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يا أيها السباح ، في بحر التسبيح بالاستعداد الظاهر الكامل اللطائف الظاهرة والباطنة ، القلبية والنفسية ، والقلبية والسرية ، والروحية والخفية ، اعلم أن الله ذكر المسبحين في كتابه المبين وكلامه المتين على فواتح السور ثلاث مرات بصيغة الماضي ، ومرتين بصيغة المستقبل ، ومرة واحدة بصيغة الأمر ؛ ليطَّلع السالك على أن تسبيح اللطائف الظاهرة بلسان النبوة في بحر الأزل كان لصفات ذاته ، وتسبيح اللطائف المطهرة الباطنة بلسان الولاية في بحر الأبد كان لصفات فعله ، وتسبيح اللطيفة الخفية بلسان اللطيفة الأنانية في بحر الجمال كان لذاته بذاته ؛ ليتوجه السالك المحقق إلى كعبة الحال لا إلى الماضي ولا إلى المستقبل ؛ لأن التوجه إلى الماضي في توبة اللطيفة يكدر وجه الجمال ، والتوجه إلى المستقبل بعد طلوع شمس الحال يشق قلب الحال ، والسر الذي ذكر بصيغة الماضي ثلاث مرات إشارة إلى نور النبوة ؛ لأنها قائمة بواو الولاية ، وواو الولاية قائمة بألف الألوهية ، فما له مرتبتان وله ثلاث مراتب ، والسر الذي ذكر بصيغة المستقبل مرتين ؛ لأن واو الولاية قائمة بألف الألوهية وله مرتبتان ، والحكمة في أنه ذكر بصيغة الأمر مرة واحدة ؛ لأن اللطيفة الأنانية ظهرت في مرتبة الألف ، وكشف هذه الأسرار زيادة على ما ذكرته بفرع باب مطلع القرآن ، فارجع من المطلع إلى الحد ، ومن الحد إلى البطن ، ومن البطن إلى الظهر . وافهم ما يقول الله تعالى في كلامه حيث يقول { سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ الحديد : 1 ] ؛ يعني : نزه له أهل السماوات الروحانية وأهل الأرض البشرية عن معرفتهم له ؛ لأن جناب عزته له أعلى من أن يصل فهم المخلوق إلى أفق معرفته ، وسرادقات حكمته أرفع من أن يقدر رفعها المخلوق المحدث بقوله : { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } [ الحديد : 2 ] ملكاً مطلقاً ، { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } [ الحديد : 2 ] يحيي المفردات عند التركيب بحكمته ، ويمت المركبات بإفناء صورها بعد التركيب بعزته ، { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الحديد : 2 ] ؛ يعني : على إحياء الموتى وإماتة الإحياء ، { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] ؛ يعني : هو الأول في عالم لاهوته ، والآخر في عالم ملكوته ، والظاهر في عالم ناسوته ، والباطن في عالم جبروته ، وهو إشارة إلى وحدانية ذاته المحيط بالكل ؛ ولأجل هذا يبدأ به ويختم عليه في قوله : { وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } [ الحديد : 3 ] من الحقائق اللاهوتية ، والحقائق الجبروتية ، والدقائق الملكوتية ، والشقائق الناسوتية عليم . { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } [ الحديد : 4 ] ؛ يعني : هو الذي خلق السماوات الروحانية والأرض البشرية في ستة أيام ، النقطات البياضية والسوادية المدرجة في الحظ الإلهي { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } [ الحديد : 4 ] ؛ أي : على عرش النقطة الحكمية في الجمعة المباركة الألفية ؛ لأنها مجمع النقطات العلمية والإرادية ، والقدرية والحكمية ، وبها تمت الأسبوع وعليه مدار أشهر الحروف وأباجاد السنين ، وأعياد الكلمات الكاملات التامات الباقيات ، وفهم هذه الأسرار ليس يفسرها الأعجمي فأدرج ، فاعلم أنه تعالى { يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا } [ الحديد : 4 ] ؛ لأنه أودع فيها قوة الولوج واستعداد الإخراج وقت التخمير ، { وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا } [ الحديد : 4 ] ؛ لأنه أدرج فيها سر النزول وحكمة العروج وقت التدبير ، { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } [ الحديد : 4 ] ؛ يعني : وجودكم مستفاد من نظر وجوديته ، وكيف نيتكم موجودة به ؟ { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [ الحديد : 4 ] ؛ لأنه مستعملكم .