Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 1-3)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أيها المسبح المفلح المجمح : اسبح في بحر التسبيح ؛ كالحوت تسمع تسبيح أهل السماوات والأرض للحي الذي لا يموت ، ومتى مادمت تتعلق بكل حشيش وتخاف من الفرق ، وتدور حول السواحل فما أنت من المسبحين ، فإذا دخلت البحر وصرت بحريا تأمن من الفرق وتستريح من الحرق ، فافهم ما يقول الله تعالى في سورة الحشر { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ } [ الحشر : 1 ] أي : في سماوات دماغك { وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } [ الحشر : 1 ] بعزته أي : في أرض بدنك من القوى المخزونة في الدماغ ، ومن القوى المدفونة في البدن { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } [ الحشر : 1 ] بعزته حذف القوة الحافظة والذاكرة والمتفكرة والمتخلية وأخواتها في سماوات الدماغ لئلا يصل إليها أبخرة المعدة وقاذوراتها وبحكمه أودع القوى الجارية والعارية والهاضمة والدافعة ، وأخواتها من أرض البدن لبريتها ويدفع منها ما يضرها ويجذب إليها ما ينفعها ؛ ليصل كل جزء إلى كلها ، ويلحق كل فرع بأصلها في السفل والترقي وكشف هذا السر من حد القرآن { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ } [ الحشر : 2 ] يعني : هو الحق الذي سبحه أهل السماوات والأرض بالحق وأخرج القوة الكافرة من أهل الكتاب السري من ديارهم القالبية لأول حشر في وادي المقدس الخفي حشر الخواطر الخفية { مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ } [ الحشر : 2 ] من حصون إيمانهم الذين تحصنوا بها وقت ظهور اللطيفة السرية { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ ٱللَّهِ } [ الحشر : 2 ] يعني : أن حصون إيمانهم باللطيفة السرية يمنعهم من جند خواطر اللطيفة الخفية ، وإن لم يؤمنوا باللطيفة الخفية ، ولم يخرجوا من حصون إيمانهم التقليدي الذي صار لهم عادة ، وورثوا عن آبائهم تقليداً لا تحقيقاً عادةً لا عبادةً { فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ } [ الحشر : 2 ] يعني : أتى حزب الله ، وهو الخواطر الخفية من حيث { لَمْ يَحْتَسِبُواْ } [ الحشر : 2 ] يعني : من حقوقهم التي كانت مدفونة مستكنة فيهم وقت التخمير { وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ } [ الحشر : 2 ] بقتل خواطر الهوى وهو سيد خواطرهم { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ } [ الحشر : 2 ] يعني : أي يخربون القوى الكافرة الجاحدة باستعدادهم الحاصل من إيمانهم باللطيفة السرية حيث أبدانهم بالمجاهدة { وَأَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ المؤمنين : 2 ] أي : باستعداد الخواطر الخفية ، وهذه حالة نظر أعلى السالك عند اشتغاله بالمنكر الخفي واشتغال القوى الثابتة للطيفة السرية بالذكر السري ؛ ليصد السالك عن الذكر الخفي ، فلا يلتفت السالك إلى ذكركم ، ويشتغل بذكره ، فهم بالذكر السري يخربون بيوت البدن ، والسالك يخرب بيت البدن بمعول الذكر الخفي ؛ لينقض جدار البيت المظلم ، وينور بنور الشمس الطالعة الحقيقية { فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ } [ الحشر : 2 ] حكمة الملك الغفار ، وعزة الواحد القهار ، كيف هدى اللطيفة الخفية وقواها على الثبات على ذكرها بحكمته وكيف قذف الرعب والخوف في قلوب القوى الثابتة اللطيفة السرية الجاحدة اللطيفة الخفية من حقوقهم التي كانت مستكنة فيهم بعزته { وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ } [ الحشر : 3 ] يعني : الخروج من حصونهم بما قذف في قلوبهم { لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا } [ الحشر : 3 ] بالعذاب العاجل ، وهو سد المعرفة السرية والأنوار النفسية { وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ } [ الحشر : 3 ] التي أوقدتها القوى الجاحدة من نيران الحسد والبغض في قوالبها .