Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 85-90)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم ذكر بقية ذريته وأخبر إسماعيل منهم ، وذكره مع المخصوصين بذرية نوح وابتداء بذكره لئلا يحاسب من جملتهم ، فقال تعالى : { وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ الأنعام : 85 ] ؛ يعني : من صالحي ذرية إبراهيم عليه السلام الذين لهم صلاحية قبول فيض النبوة من الله تعالى . ثم قال : { وَإِسْمَاعِيلَ وَٱلْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } [ الأنعام : 86 ] ، بفضيلة قبول فيض الربوبية بلا واسطة { وَمِنْ آبَائِهِمْ } [ الأنعام : 87 ] ، يعني الذين فضلناهم أيضاً في الأزل لهذه الشأن { وَذُرِّيَّاتِهِمْ } [ الأنعام : 87 ] ، إلى محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء { وَإِخْوَانِهِمْ } [ الأنعام : 87 ] ، من المؤمنين { وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ } [ الأنعام : 87 ] ، في الأزل لهذه الشأن { وَهَدَيْنَاهُمْ } [ الأنعام : 87 ] ، إلى الأبد كل واحد منهم على قدر الاجتباء { إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الأنعام : 87 ] ، إلينا بنا ذلك { ذٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 88 ] ؛ يعني لولا حنطوا غيرنا وأثبتوا شيئاً من دوننا أو نسبوا شظية من الحدثان إلى غير قدرتنا أو لم يبذلوا أنانيتهم في هويتنا هؤلاء وغيرهم من المصطفين الأخيار { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ الأنعام : 88 ] ؛ لتلاشي عرفانهم وتلف ما سلف من إحسانهم وإن الحق سبحانه وتعالى غيور لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وهذا غاية التوبيخ والترهيب للعوام والخواص لئلا يأمنوا مكر الله إلا القوم الخاسرون . ثم أخبر عن أسباب عميهم من الشرك والكفر من الأزل بالعناية إلى الأبد بالهداية بقوله تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ } [ الأنعام : 89 ] ، من مواهب الحق لا يحصلان بالكسب والاجتهاد وإلا بإتيان الحق كما قال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا } [ الأنعام : 89 ] ؛ أي : بالحكمة والنبوة التي آتينا { هَـٰؤُلاۤءِ } [ الأنعام : 89 ] ، اليهود والنصارى والمشركون { فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً } [ الأنعام : 89 ] ، من المذكورين وغيرهم في الأزل إلى الأبد { لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ } [ الأنعام : 89 ] ، جاحدين ومنكرين أبداً . ثم أخبر عنهم أنهم من هم وما صفتهم ، فقال تعالى : { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُ } [ الأنعام : 90 ] ؛ أي : هداهم الله بصفاته إلى ذاته { فَبِهُدَاهُمُ ٱقْتَدِهْ } [ الأنعام : 90 ] ؛ لأنهم سلكوا مسلكاً غير مسلوك حتى انتهى سير كل واحد منهم إلى منتهى قدر له كما أخبرت : " أني رأيت آدم عليه السلام في سماء الدنيا ، ويحيى وعيسى في السماء الثانية ، ويوسف في السماء الثالثة ، وإدريس في السماء الرابعة ، وهارون في السماء الخامسة ، وموسى في السماء السادسة ، وإبراهيم في السماء السابعة " ؛ فاقتد بهم حتى تسلك مسالكهم إلى أن تنتهي سدرة المنتهى مقام الملائكة المغتربين ، ثم تعرج بك إلى التجلي الأدنى والمقام الأرفع حتى تخرج من نفسك وتدلى إليه به إلى أن تصل مقام { قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } [ النجم : 9 ] ، مقاماً لم يصل إليه أحد قبلك لا ملك مقرب ولا نبي مرسل { قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً } [ الأنعام : 90 ] ، يشير إلى معنيين ، أحدهما : لا أسألكم أيها الأنبياء على اقتدائي بكم أجراً منكم إن أجري إلا على الله ولكن ذكري للعالمين عظة لم يعلموا إن الطريق إلى الله لا يسلك لا بالاقتداء ، والثاني : لا أسألكم أيها الأمة على دعوتكم إلى الحق وتسليككم مسلكاً لم تسلك أمة قبلكم أجراً من دنياكم وآخرتكم { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ } [ الأنعام : 90 ] ؛ أي : دعوتي لكم إلى الله ليست مني إلا من الله به إليه للعالمين عامة يبني لي ولكم ولغيرنا أجمعين .