Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 61, Ayat: 10-12)
Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الصف : 10 ] يعني : أيتها القوى المؤمنة باللطائف هل أدلكم على كسب إن اشتغلتم به ينجيكم من عذاب الآخرة ، وهو أسهل مما تواظبون عليه من الأوزار والأغلال ؛ لأني بعثت بالملة الحنيفية السمحة السهلة ، وهو أن { تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } [ الصف : 11 ] يعني : وحدانيته { وَرَسُولِهِ } ، يعني : اللطيفة الخفية المرسلة التي هي خاتم الأنبياء وسيد المرسلين { وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ } [ الصف : 11 ] يعني : باستعدادكم الحاصل من سلوككم بأمر اللطائف المرسلة من قبيل ترك اختيار أنفسكم وعادتكم { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } [ الصف : 11 ] من كثرة مجاهدتكم وتعبكم ورياضتكم الشاقة على أنفسكم { إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [ الصف : 11 ] أن حقيقة العبادة ترك الهوى ، والائتمار بما يأمر به المولى ، والانتهاء عما ينهى عنه لا تعذيب النفس ، وقلة الأكل والنوم على وفق الهوى ؛ ولأجل هذا السر قال المشايخ : لو يأكل المريد بأمر شيخه كل يوم دجاجة مسمنة ، وحلوى من سكر خير له من أن يأكل في كل أسبوع قرصاً من شعير على وفق أمر نفسه وهواه ، وإن شاهدنا وجربنا في أنفسنا ، وفيمن سلكناه أن الإفطار على وفق أمر الشيخ خير له من الصوم باختيار نفسه ، وإن ترك العبادات النافلة من الصلاة والحج والصدقة والتلاوة بأمر شيخه ؛ أنفع له من الإتيان بها على وفق اختيار نفسه ، وفي هذا السر لطيفة إفشاؤها حرام على المسلك من قبل أن يطلع الله السالك عليها ، فإذا أطلع الله السالك عليها ، ويحكيها السالك للمسلك ، فيجوز للمسلك أن يخبره عن هذه اللطيفة ، فمن يؤمن بالله أيتها القوى المؤمنة باللطائف المرسلة من قبل باللطيفة الخفية منكم { يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } [ الصف : 12 ] بإثبات الولد والصاحبة لله ، وبإثبات الشركاء له { وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } [ الصف : 12 ] يعني : جنات القلب تجري من تحتها أنهار المعرفة تكون تحت تصرفكم متى شئتم شربتم منها { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ } [ الصف : 12 ] ، وهي مساكن قوى معدنية السالك إذا صارت طيبة يكون بعد خراب البدن لصاحبه مساكن طيبة في جنات عدن ، وهو القوى النباتية المزكية عن الخبائث المطهرة عن الأباطيل ، وإذا خرج صاحب هذه القوى من دار الكسب ؛ يكون له في دار الجزاء مساكن طيبة بتطهير قوى معدنية ، وجنات عدن بتزكية قوى نباتية { ذَلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ الصف : 12 ] .