Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 89, Ayat: 1-15)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يا طالب رضا المولى ، ويا هارباً من هاوية الهوى ، ويا عارجاً في الدرجات العلى ، ويا صاحب ذوي النهي ، اعلم أن الله أقسم بالفجر ؛ وهو قدر جمال الروح الفاعل ، وبليال عشر ؛ وهي اللطيفة الجلالية المسكَّنة في القالب ؛ وهي السكينة والحلم ، والتواضع والصبر ، والحكمة والفيض ، والغيرة والعزة ، والهمة والثبات ، وأقسم أيضاً بالشفع ؛ وهو الأحوال الطارئة على النفس من الفقر والغنى ، والخوف والرجاء ، والفرح والحزن ، والترح بامتثال الأوامر ؛ وهو الحال الذي ظهر في الآخرة الباقية التي فيها ينادي لأهلها يا أهل الجنة فرح لا بعده ترح ، ويا أهل النار ترح لا بعده فرح ، وأقسم ثانياً بالليل إذا يسر ؛ يعني : بالسير الذي جعل في الليل العظيم القدر ، الذي رفع فيه قدر صاحبه وأسرى إلى سدرة المنتهى همته . كما يقول الله تعالى : { وَٱلْفَجْرِ * وَلَيالٍ عَشْرٍ * وَٱلشَّفْعِ وَٱلْوَتْرِ * وَٱلَّيلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ } [ الفجر : 1 - 5 ] ؛ أي : هل يقنع هذا القسم لمن كان له عقل بحِجر ؛ أي : يمنعه عن تكذيب الحق في القسم ، { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ * ٱلَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي ٱلْبِلاَدِ } [ الفجر : 6 - 8 ] ؛ يعني : ألم تر القوى النفسية أن الله فعل بالقوى العادية التي نبت لنفسها من التنعم في ذات عماد قالبها إرم جنة من القول النباتية الخبيثة ، متى ما شاءت على وفق هواها دخلت وأكلت من ثمارها ، لم يخلق مثل ذلك الإرم في قوالب غيرها كيف خربها ربها . { وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخْرَ بِٱلْوَادِ } [ الفجر : 9 ] جابوا صخور جبال القالب ليأمنوا من عذاب الرب ، { وَفِرْعَوْنَ ذِى ٱلأَوْتَادِ * ٱلَّذِينَ طَغَوْاْ فِي ٱلْبِلاَدِ } [ الفجر : 10 - 11 ] ؛ أي : القوة القالبية الكاملة في الباطلة فسدت أركانها وأحكمت أوتادها بهواها ، وطغت في بلاد القالب على جميع القوى القالبية { فَأَكْثَرُواْ فِيهَا ٱلْفَسَادَ } [ الفجر : 12 ] وأراد أن يظهر على سماء الصدر ، ورحاب مع الرب { فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ } [ الفجر : 13 ] ؛ يعني : فرد كيدهم في نحورهم ، وأدخلهم النيران التي أوقدوها ، وخرب جنانهم التي بنوها ، { إِنَّ رَبَّكَ لَبِٱلْمِرْصَادِ } [ الفجر : 14 ] هذا جواب القسم ؛ يعني : وحق هذه اللطائف التي ذكرها ربك في وجودك إن ربك رباك وأودع فيك هذه اللطائف ، { لَبِٱلْمِرْصَادِ } ؛ يعني : يرصدك ويراك في تقلبك ويسمع نجواك ولا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء ، ولا في الأرض القالب ، ولا في الصدور ، ولا في نهار الروح ، ولا في ظلمة ليل النفس ، ولا في أطوار القلب . { فَأَمَّا ٱلإِنسَانُ إِذَا مَا ٱبْتَلاَهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّيۤ أَكْرَمَنِ } [ الفجر : 15 ] ؛ يعني : إذا فتح عليه بأنوار البسط يقول : إني من المكرمين عند ربي .