Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 46-50)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ } [ التوبة : 46 ] أي : لو وجدوا في قلوبهم دواعي الخروج عن المراتب الحيوانية ، { لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً } [ التوبة : 46 ] وهي متابعة الأنبياء ؛ لأنهم بعثوا لخروجهم من الظلمات الحيوانية إلى النور الربانية ، { وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ } [ التوبة : 46 ] في الأزل ، { ٱنبِعَاثَهُمْ } [ التوبة : 46 ] أي : كره أن يوفقهم لداعية الطلب إظهاراً للقهر . { فَثَبَّطَهُمْ } [ التوبة : 46 ] أي : حبسهم في سجن البشرية وأخلى لهم القعود فيه ، { وَقِيلَ } [ التوبة : 46 ] بأمر التكوين ، { ٱقْعُدُواْ } [ التوبة : 46 ] راضين بالحبس فرحين بما لديكم من التمتعات الحيوانية ، { مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ } [ التوبة : 46 ] في أسفل الطبيعة المستلذين بالشهوات النفسانية ، { لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً } [ التوبة : 47 ] يشير إلى أن قعود أهل الطبيعة في خير البشرية صلاح لأرباب القلوب وأصحاب السلوك ؛ وذلك لأنهم لو خرجوا عن البشرية بالهوى والطبيعة لا عن نية صادقة وعزيمة صالحة فهي في صحبة الصادقين السالكين ما زادوهم إلا تشويشاً وتفرقة بأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم ، وأفسدوا عليكم أمر الطلب ، وأقعدوا عن السير والسلوك . { يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ } [ التوبة : 47 ] يعني : التغيير والدعوة إلى الشهوات واللذات والميلان إلى الدنيا وزينتها وتعذر الوصول إلى المرام بالاستطعام ، { وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } [ التوبة : 47 ] أي : من يسمع المنكرين من أحوالكم ما يزيد في إنكارهم عليكم ، { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } [ التوبة : 47 ] الذين هم أرباب النفوس وإن الصلاح أن يكونوا في حبس البشرية قاعدين . ثم أخبر عن باغي الفتنة بقوله تعالى : { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ } [ التوبة : 48 ] إلى قوله : { إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ } [ التوبة : 52 ] ، { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ } يشير إلى صفات النفس اتبعت فتنة شهوة المأكول والمشروب ومستلذات النفوس ومستحسنات الهوى من قبل ، { وَقَلَّبُواْ لَكَ } [ التوبة : 48 ] يا روح ، { ٱلأُمُورَ } [ التوبة : 48 ] وهي الأمور الروحانية ، وحسن الاستعداد في طلب السعادات الأخروية ، واستكمال الإنسانية إلى أوان البلوغ ، { حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ } [ التوبة : 48 ] وهو العقل القابل لأوامر الشرع ، { وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ } [ التوبة : 48 ] وهو أمر الدعوة إلى الحق ، { وَهُمْ كَارِهُونَ } [ التوبة : 48 ] يعني : على كره من النفس وصفاتها . { وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي } [ التوبة : 49 ] وهو الهوى يستأذن الروح بأن يكون له مدخل في جميع مشارعه الدنيوية ؛ لتكون مشوبة بالهوى بقوله : { وَلاَ تَفْتِنِّي } [ التوبة : 49 ] يشير إلى أن الروح كلما يدعو الهوى إلى استعمال في المنازل الروحانية والمواهب فإن الهوى مركب المحبة يقول : لا تعتني بتلك المعارف ولا تقيدوني بتلك العوارف ، وذلك منه اعتلال لدفع الصعود على العلويات ؛ لأن طبعه الهبوط . { أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } [ التوبة : 49 ] يعني : اعتلاله لدفع الصعود هو عين فتنة الهبوط ، { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } [ التوبة : 49 ] يعني : جهنم البعد والقطيعة من لوازم كفار النفس وصفاتها ، { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ } [ التوبة : 50 ] يا روح من عواطف الحق وإحسانه ، { تَسُؤْهُمْ } [ التوبة : 50 ] تحزن النفس وصفاتها ؛ لأن بها تظفر الروح عليها ، { وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ } [ التوبة : 50 ] من المواقع والقواطع عن السير . { يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ } [ التوبة : 50 ] أي : أخذنا نصيباً من المواقع الحيوانية لما خلفنا في السير إلى المعالم الروحانية والمعارف الربانية ، { وَيَتَوَلَّواْ } [ التوبة : 50 ] الروح وأوصافه ، { وَّهُمْ فَرِحُونَ } [ التوبة : 50 ] بما لديهم من المراتع البهيمية .