Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 83-86)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ } [ التوبة : 83 ] أي : من المخلفين ، وإنما قال إلى طائفة لأن طائفة من المخلفين ثبتوا على نفاقهم ، وطائفة منهم تابوا ورجعوا عن كفرهم ونفاقهم ؛ فالمعنى : إن رجعك الله إلى طائفة منهم من الذين ثبتوا على النفاق ولم يتوبوا . { فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً } [ التوبة : 83 ] يشير إلى أن استئذانهم للخروج أو قتالهم العدو من النفاق فلا تقبل منهم ، فإن الله لا يقبل منهم ، فإن قيل : كانت أعمال المنافقين من الشهادة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد مقبولة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن لم تكن مقبولة عند الله تعالى فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " نحن نحكم بالظاهر واللهُ يتولى السرائر " فما كانت الحكمة في أن الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يقبل من المخلفين أعمالهم من الخروج معه والقتال مع العدو ، وغير ذلك قلنا : الحكمة في ذلك الله أعلم : أن المنافقين لمَّا كانوا يظهرون الإسلام والائتمار بأوامر النبي صلى الله عليه وسلم مع ما يضمرون من الكفر والنفاق فكانت أعمالهم مقبولة عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وسرائرهم مركونة إلى الله تعالى ؛ طمعاً في إنابتهم ورجوعهم من النفاق إلى الوفاق ، فلمَّا أظهروا ما كانوا يضمرون من النفاق ، وخالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وتخلفوا عنه وقعدوا عن الجهاد ورضوا به وأصروا على كفرهم ونفاقهم ، وما ندموا على ما فعلوا فأشير إليهم { إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ } [ التوبة : 83 ] وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن لا يقبل منهم أعمالهم المشوبة بالنفاق ، وقيل له : { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ } [ التوبة : 84 ] ماتوا يؤمنون بك ولا بصلواتك إنها حق ودعائك أنه صدق . { إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } [ التوبة : 84 ] لأنهم خارجون عن الاستعداد الفطري ؛ لقبول الإيمان ، { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ } [ التوبة : 85 ] ؛ يعني : إن الأموال والأولاد وإن كانت نعمة مني في حق المؤمنين فإنها نعمة مني في حق الكافرين والمنافقين ، { إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا } [ التوبة : 85 ] بأن يجعلها مباعداً لقلوبهم عن الله وطلبه ، ويجعلها بينهم وبينه أشد عذاب من الحجاب كما قال بعضهم : اللهم مهما عذبتني بشيء فلا تعذبني بذل الحجاب ؛ وذلك لأنه من عذب بالحجاب فقد حرم عن الإيمان كما قال تعالى : { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } [ التوبة : 85 ] مستور والقلب بحجاب حب المال والأولاد . ثم أخبر عن أمارات أهل النفاق وعلامات أهل الوفاق بقوله تعالى : { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ } [ التوبة : 86 ] إلى قوله : { ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } [ التوبة : 89 ] يشير إلى أن من أمارات النفاق الفتور والقصور لأرباب القلب القعود عن الجهاد والركون إلى الدنيا وشهواتها وميلان الطبع إلى السفليات والرضاء بالمنازلة إلى المراتب الدنية الخسيسة كما أخبر عنهم . وقال تعالى : { وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } [ التوبة : 86 ] عن الطلب والجهاد .