Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)

Tafsir: at-Taʾwīlāt an-naǧmiyya fī at-tafsīr al-ʾišārī aṣ-ṣūfī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يا فزعاً من زلزلة القيامة وأحوالها { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } [ الزلزلة : 1 ] فما ينفعك الفزع في الساعة من أهوالها ، واعلم أن الله ذكر القيامة ، والطامة ، والصاخة ، والحاقة ، والغاشية ، والساعة ، والواقعة ؛ ليعلمه أن القيامات كثيرة ، ولكل قيامة اسم خاص لها ، والخلاص من كل قيامة بنوع طاعة مميزة من غيرها ، فالواجب عليك عرفان القيامات ، ثم عرفان الطاعات المخصوصة بكل قيامة من القيامات ، ليمكن لك الاشتغال بها والاستخلاص منها . واعلم أولاً أن القيامة التي يذكرها الله تعالى في هذه السورة ؛ هي القيامة القالبية ، والطاعة التي تنفع لهذه القيامة الطاعات القالبية المفروضة عليك ، كالإقرار باللسان في كلمتي الشهادة ، والأذكار اللسانية ، والقيام والقعود ، والركوع والسجود ، والقراءة في الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والحج ، والصوم ، والجهاد ، والحدود ، والكفارات طاعة تتعلق بالشهادة الآفاقية ، فإذا أديت حق الطاعات القالبية تخلصت من أهوال القيامة القالبية إن شاء الله تعالى . واعلم أن أرض قالبك تزلزلت عند نزول سلطان الذكر اللساني عليها وأخرجت ما فيها من الخاصيات ، كما يقول : { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [ الزلزلة : 2 ] فالواجب على الخير اليقظان ألاَّ يلتفت إليها ولو التفت من دناءة همته إلى تلك الخواص ، ويقول : { مَا لَهَا } [ الزلزلة : 3 ] ، كما قال تعالى في كتابه الكريم : { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } [ الزلزلة : 3 - 4 ] تلك الخواص ، { أَخْبَارَهَا } [ الزلزلة : 4 ] ؛ أي : ما فيها من الخواص التي يمكن أنها الكتاب الخير والشر وما يحدث تلك الخاصيات بأنفسهن ، بل يحدث بوحي الرب ، كما قال تعالى : { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } [ الزلزلة : 5 - 6 ] ؛ لأنهم التفتوا إليها وتفتشوا عن حالها ، وأوحى الله إليها وأنطقها كما أنطق كل شيء ليحدثن بأخبارها ، فتشتت وتفرق الناس في مشاهدة خواصها وأعمالهم الصادرة عنهم من الخير والشر ، أنها من أي خاصية صدرت ؟ ! { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ الزلزلة : 6 - 7 ] ؛ أي : يره مصدره ، من أي خاصة كان ؟ { وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ الزلزلة : 8 ] ؛ أي : مصدره ، ففي هذه المقام مناقشة عظيمة في الحساب ، وهذا القيامة التي ألجمت الناس يعرف الحسرة والندامة والحياء ، وليس من المقامات قيامة أشد من هذا ، والواجب عليك أن تموت اليوم الموت الاختياري لتشاهد قيامتك التي نبَّه النبي إليها حيث قال صلى الله عليه وسلم : " من مات فقد قامت قيامته " ، لتحاسب نفسك قبل أن تحاسب ، وتتخلص من أحوالها اليوم لتكون من الفائزين غداً - إن شاء الله تعالى - وأشرح بتوفيق الله تعالى أن أمهلني الله القيامات للآخرة في موقعها بإذن الله تعالى .