Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 25-26)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عمّ تعالى عباده بالدعوة إلى دار السلام والحث على ذلك والترغيب ، وخص بالهداية من شاء استخلاصه واصطفاءه ، فهذا فضله وإحسانه ، والله يختص برحمته من يشاء ، وذلك عدله وحكمته ، وليس لأحد عليه حجة بعد البيان والرسل ، وسمى الله الجنة " دار السلام " لسلامتها من جميع الآفات والنقائص ، وذلك لكمال نعيمها وتمامه وبقائه ، وحسنه من كل وجه . ولما دعا إلى دار السلام ، كأن النفوس تشوقت إلى الأعمال الموجبة لها الموصلة إليها ، فأخبر عنها بقوله : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ ٱلْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ } أي : للذين أحسنوا في عبادة الخالق ، بأن عبدوه على وجه المراقبة والنصيحة في عبوديته ، وقاموا بما قدروا عليه منها ، وأحسنوا إلى عباد الله بما يقدرون عليه من الإحسان القولي والفعلي ، من بذل الإحسان المالي ، والإحسان البدني ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتعليم الجاهلين ، ونصيحة المعرضين ، وغير ذلك من وجوه البر والإحسان . فهؤلاء الذين أحسنوا لهم " الحسنى " وهي الجنة الكاملة في حسنها و " زيادة " وهي النظر إلى وجه الله الكريم وسماع كلامه ، والفوز برضاه والبهجة بقربه ، فبهذا حصل لهم أعلى ما يتمناه المتمنون ، ويسأله السائلون . ثم ذكر اندفاع المحذور عنهم فقال : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ } أي : لا ينالهم مكروه ، بوجه من الوجوه ، لأن المكروه إذا وقع بالإنسان ، تبين ذلك في وجهه ، وتغير وتكدر . وأما هؤلاء - فهم كما قال الله عنهم - { تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ ٱلنَّعِيمِ } [ المطففين : 24 ] { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } الملازمون لها { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } لا يحولون ولا يزولون ، ولا يتغيرون .