Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 31-33)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أي : { قُلْ } لهؤلاء الذين أشركوا بالله ، ما لم ينزل به سلطاناً - محتجاً عليهم بما أقروا به من توحيد الربوبية ، على ما أنكروه من توحيد الألوهية - { مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ } بإنزال الأرزاق من السماء ، وإخراج أنواعها من الأرض ، وتيسير أسبابها فيها ؟ { أَمَّن يَمْلِكُ ٱلسَّمْعَ وٱلأَبْصَارَ } أي : من هو الذي خلقهما وهو مالكهما ؟ ، وخصهما بالذكر من باب التنبيه على المفضول بالفاضل ، ولكمال شرفهما ونفعهما . { وَمَن يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ } كإخراج أنواع الأشجار والنبات من الحبوب والنوى ، وإخراج المؤمن من الكافر ، والطائر من البيضة ، ونحو ذلك ، { وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } عكس هذه المذكورات ، { وَمَن يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ } في العالم العلوي والسفلي ، وهذا شامل لجميع أنواع التدابير الإلهية ، فإنك إذا سألتهم عن ذلك { فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُ } لأنهم يعترفون بجميع ذلك ، وأن الله لا شريك له في شيء من المذكورات . { فَقُلْ } لهم إلزاماً بالحجة { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الله فتخلصون له العبادة وحده لا شريك له ، وتخلعون ما تعبدون من دونه من الأنداد والأوثان . { فَذَلِكُمُ } الذي وصف نفسه بما وصفها به { ٱللَّهُ رَبُّكُمُ } أي : المألوه المعبود المحمود ، المربي جميع الخلق بالنعم وهو : { ٱلْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلاَّ ٱلضَّلاَلُ } . فإنه تعالى المنفرد بالخلق والتدبير لجميع الأشياء ، الذي ما بالعباد من نعمة إلا منه ، ولا يأتي بالحسنات إلا هو ، ولا يدفع السيئات إلا هو ، ذو الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العظيمة والجلال والإكرام . { فَأَنَّىٰ تُصْرَفُونَ } عن عبادة مَنْ هذا وصفه ، إلى عبادة الذي ليس له من وجوده إلا العدم ، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً . فليس له من الملك مثقال ذرة ، ولا شركة له بوجه من الوجوه ، ولا يشفع عند الله إلا بإذنه ، فتباً لمن أشرك به ، وويحاً لمن كفر به ، لقد عدموا عقولهم بعد أن عدموا أديانهم ، بل فقدوا دنياهم وأخراهم . ولهذا قال [ تعالى ] عنهم : { كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ فَسَقُوۤاْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } بعد ما أراهم الله من الآيات البينات والبراهين النيرات ما فيه عبرة لأولي الألباب ، وموعظة للمتقين وهدى للعالمين .