Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 98-98)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : { فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ } من قرى المكذبين { آمَنَتْ } حين رأت العذاب { فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا } أي : لم يكن منهم أحد انتفع بإيمانه حين رأى العذاب ، كما قال تعالى عن فرعون ما تقدم قريباً ، لما قال : { آمَنتُ أَنَّهُ لاۤ إِلِـٰهَ إِلاَّ ٱلَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنوۤاْ إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ يونس : 90 ] فقيل له { آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ يونس : 91 ] . وكما قال تعالى : { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا قَالُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَحْدَهُ وَكَـفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } [ غافر : 84 - 85 ] . وقال تعالى : { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ٱرْجِعُونِ * لَعَلِّيۤ أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ } [ المؤمنون : 99 - 100 ] . والحكمة في هذا ظاهرة ، فإن الإيمان الاضطراري ليس بإيمان حقيقة ، ولو صرف عنه العذاب والأمر الذي اضطره إلى الإيمان ، لرجع إلى الكفران . وقوله { إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ } بعدما رأوا العذاب ، { كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } فهم مستثنون من العموم السابق ، ولا بد لذلك من حكمة لعالم الغيب والشهادة لم تصل إلينا ، ولم تدركها أفهامنا . قال الله تعالى : { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الصافات : 139 ] إلى قوله : { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } [ الصافات : 147 - 148 ] ولعل الحكمة في ذلك أن غيرهم من المهلكين ، لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه . وأما قوم يونس فإن الله علم أن إيمانهم سيستمر ، [ بل قد استمر فعلاً وثبتوا عليه ] والله أعلم .