Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 100, Ayat: 1-11)

Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أقسم الله تبارك وتعالى بالخيل ، لما فيها من آيات الله الباهرة ، ونعمه الظاهرة ، ما هو معلوم للخلق . وأقسم [ تعالى ] بها في الحال التي لا يشاركها [ فيه ] غيرها من أنواع الحيوانات ، فقال : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } أي : العاديات عدواً بليغاً قوياً ، يصدر عنه الضبح ، وهو صوت نفسها في صدرها ، عند اشتداد العدو . { فَٱلمُورِيَاتِ } بحوافرهن ما يطأن عليه من الأحجار { قَدْحاً } أي : تقدح النار من صلابة حوافرهن [ وقوتهن ] إذا عدون ، { فَٱلْمُغِيرَاتِ } على الأعداء { صُبْحاً } وهذا أمر أغلبي ، أن الغارة تكون صباحاً ، { فَأَثَرْنَ بِهِ } أي : بعدوهن وغارتهن { نَقْعاً } أي : غباراً ، { فَوَسَطْنَ بِهِ } أي : براكبهن { جَمْعاً } أي : توسطن به جموع الأعداء ، الذين أغار عليهم . والمقسم عليه ، قوله : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } أي : لمنوعٌ للخير الذي عليه لربه . فطبيعة [ الإنسان ] وجبلته ، أن نفسه لا تسمح بما عليه من الحقوق ، فتؤديها كاملة موفرة ، بل طبيعتها الكسل والمنع لما عليه من الحقوق المالية والبدنية ، إلا من هداه الله و خرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق ، { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } أي : إن الإنسان على ما يعرف من نفسه من المنع والكند لشاهد بذلك ، لا يجحده ولا ينكره ، لأن ذلك أمرٌ بيِّنٌ واضح . ويحتمل أن الضمير عائد إلى الله تعالى أي : إن العبد لربه لكنود ، والله شهيد على ذلك ، ففيه الوعيد ، والتهديد الشديد ، لمن هو لربه كنود ، بأن الله عليه شهيد . { وَإِنَّهُ } أي : الإنسان { لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ } أي : المال { لَشَدِيدٌ } أي : كثير الحب للمال . وحبه لذلك ، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه ، قدم شهوة نفسه على حق ربه ، وكلُّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار ، وغفل عن الآخرة ، ولهذا قال حاثاً له على خوف يوم الوعيد : { أَفَلاَ يَعْلَمُ } أي : هلاَّ يعلم هذا المغتر { إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } أي : أخرج الله الأموات من قبورهم ، لحشرهم ونشورهم . { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } أي : ظهر وبان [ ما فيها و ] ما استتر في الصدور من كمائن الخير والشر ، فصار السر علانية ، والباطن ظاهراً ، وبان على وجوه الخلق نتيجة أعمالهم . { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } أي مطلع على أعمالهم الظاهرة والباطنة ، الخفية والجلية ، ومجازيهم عليها . وخص خبره بذلك اليوم ، مع أنه خبير بهم في كل وقت ، لأن المراد بذلك ، الجزاء بالأعمال ، الناشئ عن علم الله واطلاعه .