Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 102, Ayat: 1-8)
Tafsir: Taysīr al-karīm ar-raḥmān fī tafsīr kalām al-mannān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى موبخاً عباده عن اشتغالهم عما خلقوا له من عبادته وحده لا شريك له ، ومعرفته ، والإنابة إليه ، وتقديم محبته على كل شيء : { أَلْهَاكُمُ } عن ذلك المذكور { ٱلتَّكَّاثُرُ } ولم يذكر المتكاثر به ، ليشمل ذلك كل ما يتكاثر به المتكاثرون ، ويفتخر به المفتخرون ، من التكاثر في الأموال ، والأولاد ، والأنصار ، والجنود ، والخدم ، والجاه ، وغير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كل واحد للآخر ، وليس المقصود به الإخلاص لله تعالى . فاستمرت غفلتكم ولهوتكم [ وتشاغلكم ] { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } فانكشف لكم حينئذ الغطاء ، ولكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه . ودل قوله : { حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ } أن البرزخ دارٌ مقصودٌ منها النفوذ إلى الدار الباقية ، لأن الله سماهم زائرين ، ولم يسمهم مقيمين . فدل ذلك على البعث والجزاء بالأعمال ، في دار باقية غير فانية ، ولهذا توعدهم بقوله : { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ } أي : لو تعلمون ما أمامكم علماً يصل إلى القلوب ، لما ألهاكم التكاثر ، ولبادرتم إلى الأعمال الصالحة . ولكن عدم العلم الحقيقي ، صيَّركم إلى ما ترون ، { لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ } أي : لتردن القيامة ، فلترون الجحيم التي أعدها الله للكافرين . { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ } أي : رؤية بصرية ، كما قال تعالى : { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } [ الكهف : 53 ] . { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } الذي تنعمتم به في دار الدنيا ، هل قمتم بشكره ، وأديتم حق الله فيه ، ولم تستعينوا به ، على معاصيه ، فينعمكم نعيماً أعلى منه وأفضل . أم اغتررتم به ، ولم تقوموا بشكره ؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله ، فيعاقبكم على ذلك ، قال تعالى : { وَيَوْمَ يُعْرَضُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ عَلَى ٱلنَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَـٰتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ } الآية [ الأحقاف : 20 ] .